الخروج بنا للأخذ بالثأر ، وقد بايعناه ولا نعلم ، أرسله إلينا محمّد بن الحنفيّة أم لا ؟ فانهضوا بنا إليه نخبره بما قدم به علينا ، فإن رخّص لنا اتبعناه ، وإن نهانا تركناه ، فخرجوا وجاؤوا إلى ابن الحنفيّة . . . فلمّا سمع ابن الحنفيّة كلامهم . . حمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي ، وقال : أمّا ما ذكرتم بما خصّنا الله ، فإنّ الفضل لله يعطيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم ، وأمّا مصيبتنا بالحسين فذلك في الذكر الحكيم ، وأمّا الطلب بدمائنا فقوموا بنا إلى إمامي وإمامكم علي بن الحسين ، فلمّا دخل ودخلوا عليه أخبر خبرهم الذي جاؤوا لأجله ، قال : « يا عم ، لو أنّ عبداً زنجيّاً تعصّب لنا أهل البيت ، لوجب على الناس مؤازرته ، وقد ولّيتك هذا الأمر ، فاصنع ما شئت » ، فخرجوا وقد سمعوا كلامه ، وهم يقولون : أذن لنا زين العابدين ( عليه السلام ) ومحمّد بن الحنفيّة ) [1] . فأعطى زين العابدين ( عليه السلام ) الخطوط العريضة لمحمّد بن الحنفيّة وأتباعه بقوله : « لو أنّ عبداً زنجيّاً يتعصّب لنا أهل البيت وجب على الناس مؤازرته » ، وفهم محمّد وأصحابه من هذا الضوء الأخضر الالتفاف حول أي ثورة تدعو للإطاحة بالواقع القائم ، أضف إلى ذلك اعتراف محمّد بن الحنفيّة وأصحابه بإمامة زين العابدين ( عليه السلام ) ، وذلك عندما قال لهم : ( قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم علي بن الحسين ) . فهذا الموقف لابن الحنفيّة واضح وجلي ، لا يستطيع أحمد الكاتب ولا غيره أن يدغدغ فيه ، ولقد تسالم عليه علماء الشيعة ، فهذا الشيخ المفيد يقول : ( محمّد بن الحنفيّة لم يدّع قط الإمامة لنفسه ، ولا دعا أحداً إلى اعتقاد ذلك فيه ، وقد كان سُئل عن ظهور المختار وادعائه عليه أنّه أمره بالخروج والطلب بثأر الحسين ( عليه السلام ) وأنّه أمره أن يدعو الناس إلى إمامته عن ذلك وصحّته فأنكره ، وقال لهم : والله ما أمرته بذلك ، لكنني لا أُبالي أن يأخذ بثأرنا كلّ أحد ، وما يسوءني أن يكون المختار هو الذي يطلب بدمائنا ، فنصر بعض الشيعة المختار بناءً على الطلب بدم الحسين ، ولم ينصروه على القول بإمامة أبي القاسم ) [2] .
[1] البحار : ج 45 ، ص 365 ، ح 2 ، الطبعة الحديثة ؛ معجم رجال الحديث : ج 18 ، ص 100 - 101 . [2] الفصول المختارة ، المفيد : ج 2 ، ص 300 - 301 .