يقول البعض : " إنه عندما تطرح القضية ويكون فيها موقفان فإن صاحب الموقف الذي يرى الحق له يتكلم على أساس أنه لا يخاطب شخصاً ولكن يخاطب موقفاً ويخاطب رأياً ويخاطب اتجاهاً ، مضافاً إلى أنه في الحق لا مجال للمجاملة ، ذلك أن المجاملات والديبلوماسيات والكلمات الضبابية إنما هي في العلاقات الإنسانية التي تتصل ببعض الأوضاع التي يعيشها المجتمع في خطوطه ، أما عندما تكون القضية قضية إثبات حق ودحض باطل ، فإن المجاملة تكون خيانة ، وإن الاعتبارات الاجتماعية حينئذٍ لا تسقط الاعتبارات الموضوعية العلمية ، ولذلك كانوا يتكلمون بكل صراحة الحق الذي يعتقدونه ، ومن المفارقات أن هذا الحق الذي يطرحونه بكل صراحة وبكل موضوعية لا يثير رد فعل اجتماعي سلبي كما لو يتساءل البعض : كيف تتجرأ على هذا وكيف تتكلم مع هذا بهذه اللغة لأنهم كانوا يعيشون المسألة في أجواء الصراحة في الحق ، ولم تؤثر فيهم كل هذه الأساليب التي جاءت بها الحضارات من تغطية الحق بكلمة هنا وبعاطفة هناك " ( 1 ) . هكذا هو شعورنا يقول البعض في كتابه " من وحي القرآن " ج 2 ص 171 : " وقد يكون الأساس في اختيار النبي للخطاب ، ثم اتباع أقسى الأساليب شدة في خطاب الله معه ، هو الإيحاء بأن هذه القضية هي من القضايا التي تبلغ مرحلة كبيرة من الأهمية والخطورة بالمستوى الذي لا يمكن فيها مراعاة جانب أي شخص ، وإن كان عظيماً في مستوى عظمة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأن عظمة الأشخاص وقداستهم مستمدة من طاعتهم لله فيما يريد وفيما لا يريد فإذا انحرفوا عن الخط ، ولن ينحرفوا عنه ، سقطت عظمتهم وتحولوا إلى أشخاص عاديين خاطئين لا يملكون لأنفسهم من دون الله ولياً ولا نصيرا . ويعتبر هذا أسلوب من الأساليب البارزة في القرآن في القضية التي تتخذ جانب الخطورة على أساس العقيدة وصدقها وسلامتها من الانحراف " .