والالتزام بالأحكام الشرعية الواردة فيها ، والتي استنبطها مجتهدوها . . ويُفْرَضُ على مقلديهم - من خلال تعاليمها - الرجوع فيها إليهم ، وأخذها منهم . وفي كلامه قرائن كثيرة على ذلك . فإن أول عبارة قالها في ذلك الكتاب هي : " إن الشريعة المطهرة قد بينت أحكام أفعال المسلم ، وجعلتها موزعة على خمسة أحكام ، هي الواجب والحرام . . إلى ان قال : وهذا المبحث هو المتكفل بتحديد السبل التي بها يتعرف على ما كلفه الله تعالى به ، وسنّه له ، وتفصيله كما يلي : إلخ . . " ثم بدأ بالحديث عن الشريعة ، وعن الأحكام الخمسة . . فكلامه صريح في أنه يتحدث عن الشريعة الحقة التي حاول أيضاً تحديد السبل إليها ، ليتعرف المكلف على ما كلفه الله به وسنَّه له . ولا يتحدث عن المذاهب التي يعتقد المكلّف ببطلانها . . ولا عن السبل التي تعتمدها تلك المذاهب . . ورابعاً : إن مصطلح الشريعة الحقة إنما يعني ما يجب العمل به على المكلف - من خلال إلزام الشريعة به - حتى إذا أصاب الواقع فإنه يتنجّز في حقه ، وإذا أخطأه يكون معذوراً فيه ، على أساس تعذير الشريعة نفسها له . . فالأمر بالنسبة إلى المكلف هو أن الشريعة قد ألزمته بالأخذ بقول المجتهد . . فقول المجتهد هو الشريعة العملية بالنسبة إليه ، وهو حجة في حقه . . مع علمه بأن المجتهد قد يخطئ الحكم الواقعي الإلهي . . وأما المذاهب الأخرى فيراها من الباطل ، ولا يصح مخاطبته بها ، في ذات الوقت التي يُدْعى فيها إلى التقليد . .