نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 309
وقفة قصيرة إن من الواضح : أن مخالفة هارون لموسى ، الذي هو إمام لهارون ، إنما تعني التأسيس لتجويز مخالفة كل مأموم لإمامه ، وتبرير خروجه عليه . أضف إلى ذلك أن الاختلاف في الرأي هنا يستبطن وجود مخطئ ومصيب ، فبأيهما تكون الأسوة والقدوة للناس والحالة هذه ، والمفروض أن كلاً منهما نبي ومعصوم ! ! ؟ وأضف إلى ذلك أيضا : أنه إذا كان اختلاف الرأي يرتبط بالدعوة وأسلوبها ، فذلك يعني أن هذا النبي يجهل تكليفه الشرعي ، فكيف يمكنه تبليغه للناس ، وإعلامهم به ؟ ! ألا يلزم من ذلك تبليغ حكم خاطئ لا واقع له ؟ ! والذي نقوله نحن هنا هو : أنه لم يكن ثمة اختلاف في الرأي ، فيما بين موسى وهارون عليهما السلام ، ولا كان ثمّة جهل بالتكليف الشرعي ، ولا غير ذلك مما تقدم ، فان الاختلاف في الموقف تجاه الواقعة الواحدة ، ينبئ عن جهل بالحكم الشرعي ، في كيفية التعاطي مع بني إسرائيل . كما أن اتهام نبي بالتساهل في القيام بمهماته ، وتسببه في ما حصل للناس ، من انحراف وضلال تعتبر تهمة خطيرة على مستوى الإعتقاد في الأنبياء وفي النبوات بصورة عامة ، بل في هذا اتهام صريح لحكمة الله تعالى ، حيث أرسل مع موسى من ينقض غرضه في تبليغ الرسالة ، ويكذب توقعاته فيه ، كما جاء في الآية الكريمة : ( واجعل لي وزيرا من أهلي ، هارون أخي ، أشدد به أزري ) [1] . ومهما يكن من أمر فإن الآيات الشريفة قد فسرت على غير وجهها الصحيح ، إذ إنّ ما أظهره موسى ( ع ) تجاه أخيه هارون ( ع ) لم يكن سببه الاختلاف في الرأي بينهما في كيفية المعاملة ، بل كان من أجل إظهار خطر ما صدر منهم ، ومدى بشاعة الجريمة التي ارتكبوها . . ثمّ من أجل إظهار براءة هارون ( ع ) ، وتحصينه من نسبة القصور أو التقصير إليه . وقد بين موسى ( ع ) : أنه لم يتهمه بمعصية أمره ليستحق - بزعم البعض - هذه المواجهة القاسية ، وهذا العتاب والتوبيخ بهذه القوة ، بل وجّه إليه سؤالا عن ذلك ليسمع الناس جوابه الذي يتضمن برهانا إقناعيّا يدل على دقّته ، وحسن تقديره