نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 262
لا يحس بأن أحداً يدفعه إلى الأكل من الشجرة ، فإن الحية بحسب الظاهر قد أخبرته بأن في هذه الشجرة ثلاث خصوصيات ، ولم تطلب من آدم ( ع ) أن يأكل منها بصراحة . وقد جاءت هذه الخصوصيات بحسب نتيجة التحليل الذي انطلق منه آدم عليه السلام من موقع إيثاره رضى الله سبحانه ، وشوقه إلى مقامات القرب منه حسبما أوضحناه - جاءت لتمثل العناصر التي ارتكز إليها قرار آدم عليه السلام بالأكل من سنخ الشجرة المنهي عنها . وثانياً : إنه إنما أكل من شجرة أخرى تشبه الشجرة التي نهي عنها بالإشارة الحسية إلى الخارجي ، فلا يرى أنه قد عصى أمر الله الذي انصب على شجرة محددة بكلمته هذه . ولأجل ذلك جاء تعبير إبليس بكلمة تلكما التي أشارت إلى الشجرة البعيدة عنها والمحددة لها بشخصها ، والوصف ، والإغراء ، إنما وقع بهذه الشبيهة لا بتلك التي نهاه الله عنها مباشرة . وثالثاً : يقول الله عز وجل عن إبليس : ( وقاسمهما إني لكما من الناصحين ( وقد صرحت روايات عديدة عن الأئمة عليهم السلام ، بأن آدم عليه السلام إنما تقبل قول إبليس لأنه أقسم له ، قال آدم ( عليه السلام ) : إن إبليس حلف بالله أنه لي ناصح ، ( فما ظننت أن أحداً من خلق الله يحلف بالله كاذباً ) وهذا المعنى قد ورد في عدة روايات [1] . ولعل السر في ذلك هو : أن الحلف بالله معناه إيكال الأمر إلى الله ، وجعله في عهدته ، والقبول بأن يكون سبحانه هو المتولي للتوفيق للصادق ، ولإنزال العقوبة بالكاذب والتعويض على من يلحقه الضرر نتيجة ذلك . . وقد جاء التعبير ب : ( قاسمهما ( ربما ليشير بذلك من خلال إيراده بصيغة المفاعلة إلى مشاركة من قبل آدم ( عليه السلام ) وحواء في الوصول إلى هذا القسم ولو عن طريق اشتراطهما للعمل بالنصيحة أن يقسم لهما على صدقه وصحة ما يقول . . ولعلهما قد أقسما أن لا يعملا بنصيحته إلا إذا أقسم لهما على أن يقول الحق والصدق في محاولة منهما لإلجائه إلى جعل الأمر بين يدي
[1] تفسير البرهان ج 1 ص 81 و 83 ، وراجع تفسير القمي ج 1 ص 44 والبحار ج 11 ص 161 و 163 و 188 و 206 و 164 ، وعيون أخبار الرضا ص 108 و 109 وعلل الشرائع ص 148 وعن الكافي ( الفروع ) ج 1 ص 215 .
262
نام کتاب : خلفيات كتاب مأساة الزهراء ( ع ) نویسنده : السيد جعفر مرتضى العاملي جلد : 1 صفحه : 262