السلطة التي كانت تراقبه كأشد ما تكون المراقبة لتصفيته جسديا ، فغيابه عن الظالمين كغياب جده رسول الله صلى الله على وآله عن أبصار قريش حينما أحاطت بداره لقتله ، فخرج من بين أيديهم إلى يثرب ، وأناب مكانه في فراشه وصيه وباب مدينة علمه ، الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، والقوم لا يشعرون . وتعتقد الشيعة اعتقادا صريحا بأن الإمام المنتظر عليه السلام لا يظهر من السرداب ، الذي في ( سامراء ) ولا غاب فيه ، وإنما يظهر في وضح النهار في ( مكة المكرمة ) وفي الكعبة المشرفة ، كما ظهر من تلك البقعة المقدسة جده الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، وسنتحدث عن هذه الجهة في غضون هذا الكتاب . ( 8 ) وتسأل الناس عن الحكمة من غياب الإمام المنتظر عليه السلام الغيبة الكبرى وحجبه عن الالتقاء بشيعته وغيرهم ، وعدم اشتراكه بأي عمل إيجابي في مجريات الأحداث العالمية وغيرها ، وفيما أحسب أن العلة الحقيقية في ذلك قد أخفاها الله على عباده كما أخفى ليلة القدر ، ويوم القيامة ، والساعة التي يستجاب فيها الدعاء في يوم الجمعة ، وماهية الروح وحقيقتها ، وحمل نبيه موسى بن عمران وولادته ، وغيابه عليه السلام من هذا القبيل ، وكذلك ظهوره . . . ومن المؤكد أن الإنسان أقصر ذهنيا من أن يحيط بحكم الخالق العظيم في تصرفاته وشؤونه ، فهو الذي أبدع تكوين الأشياء ، ووضع لها ما يدبرها من الأنظمة والقوانين التي نجهلها ، ولله تعالى في خلقه حكم بالغة ، يفهمها الناس حينا ، ويقصرون عن فهمها في كثير من الأحيان . ( 9 ) لا أكاد أعرف أمرا اهتم به الكثيرون من الناس كاهتمامهم بمعرفة علامات ظهور الإسلام المنتظر عليه السلام ، وترقب خروجه ، وفيما أحسب أن اهتمامهم