نام کتاب : حوار مع فضل الله حول الزهراء ( س ) نویسنده : السيد هاشم الهاشمي جلد : 1 صفحه : 52
صاحبها فيها ولم يترق إلى ما فوقها ، فإذا أخذ بالحظ الوافر والنصيب المتكاثر انقلب أحكامه وتكاليفه ، كما انشرح صدره الذي كان ضيقا بنور معرفة الله وأوليائه ، والعلم بحقائق الأشياء كما هي ، فيرى حينئذ أن ما كان عليه قبل ذلك كفر وضلال لإحاطته بقصور المقام ونقصانه بالنسبة إلى ما هو عليه من المرتبة والكمال ، كما أنه وهو في تلك الحالة لو كشف له ما لم يصل إليه يراه كفرا ، لعجزه عن دركه ومخالفته لما بنى عليه أمره ، ولذا نهى في الاخبار السابقة عن أن يقول صاحب الواحد لصاحب الاثنين : لست على شئ وهكذا ، وكذا عن إسقاط من هو دونه ، ومن هنا كانوا يمسكون عن أشياء كان علمها مختصة بذوي الهمم العالية والقلوب الصافية لو سئل عنها من انهمك في الجهل والغرور ، وذلك واضح بعد التتبع التام في تراجم الرواة وأصحاب الأئمة الهداة . . . . ويعجبني كلام الحافظ البرسي في المشارق حيث قال بعد كلام له في تفسير بعض الآيات : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) : أي إيمانه غير متمكن في القلب ، لان الحرف هو الطرف وذاك بغير برهان ولا يقين ، فإن أصابه خير يغني إن سمع ما يلائم عقله الضعيف اطمأن به وركن إليه ، وإن أصابه فتنة ، وهو سماع ما لم يحط به خبرا ، فهناك لا يوسعك عذرا بل يبيح منك محرما ويتهمك كفرا ، وإليه الإشارة بقوله عليه السلام : ( لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ) ، وفي رواية ( لكفره ) ، لان صدر أبي ذر ليس بوعاء لما في صدر سلمان من أسرار الايمان وحقائق ولي الرحمن ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله : ( أعرفكم بالله سلمان ) . ثم قال : وذلك لان مراتب الايمان عشرة ، فصاحب الأولى لا يطلع على الثانية ، وكذا كل مقام منها لا ينال ما فوقه ، ولا يزدري من تحته لان من فوقه أعلى منه ، وغاية الغايات منها معرفة علي عليه السلام بالاجماع ، وإنما قال : ( لقتله ) ، لان أبا ذر كان ناقلا للأثر الظاهر وسلمان كان عارفا بالسر الباطن ، ووعاء الظاهر لا يطيق حمل الباطن ، ( قد علم كل أناس مشربهم ) . ويؤيده ما في كنز الكراجكي : ( إن سلمان قال مخاطبا لأمير المؤمنين عليه السلام : بأبي أنت يا قتيل كوفان ، والله لولا أن يقول الناس : واشوقاه ، رحم الله قاتل سلمان لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس ) ، الخبر . فظهر أن أبا ذر لو اطلع على ما في قلب سلمان لقتله لزعمه أن تلك المرتبة من المعرفة كفر وارتداد ، وكذا بالعكس صاعدا ونازلا ) ( انتهى كلام المحدث النوري ) ( 1 ) . ويحسن أن نختم هذه الطائفة من الاخبار بما ذكره الشيخ الطوسي في تفضيل الامامين الحسن والحسين عليهما السلام على غيرهما من الصحابة في ذيل تفسير آية المباهلة ، قال ( قدس سره ) : ( وقالوا أيضا - أعني أصحابنا - إنهما كانا أفضل الصحابة بعد أبيهما وجدهما لان كثرة الثواب ليس بموقوف على كثرة الافعال ، فصغر سنهما لا يمنع من
52
نام کتاب : حوار مع فضل الله حول الزهراء ( س ) نویسنده : السيد هاشم الهاشمي جلد : 1 صفحه : 52