وقد اعتاد أساتذة الحوزة في دروسهم ومحاضراتهم أن يردوا على الاشكالات الوجيهة ، أما الاشكالات التي تكشف عن جهل صاحبها وعدم فهمه وعدم مراجعته وتحضيره للدرس ولما يلقيه الأستاذ ، فهم يعرضون عن الإجابة عنها صونا لم لديهم من العلم واحترازا عن هبوط مستوى البحث واحتراما للوقت والحاضرين ، وهم يكتفون في رفع الشبهة بايكال الامر إلى قيام المستشكل بمباحثه من هو أعرف منه من بين زملائه من الطلبة الحاضرين في البحث ، وهذا ما لم يفعله ( فضل الله ) ، إذ لو كان قد فعل ذلك لما أوقع نفسه في هذه الزلة العظيمة ، ( وأتتك بحائن رجلاه ) [1] .

[1] وحتى نسد الطريق أمام توهم وتخبط آخر قد يصدر من فضل الله نقول : إن الموجود في الصفحة 45 من طبعه دلائل الإمامة التي قامت المطبعة الحيدرية بطباعتها حول سند الرواية ما يلي : ( أحمد بن محمد الأشعري القمي ، عن عبد الرحمن بن بحر ، عن عبد الله بن سنان ) ، ولكن في ذلك تصحيف والصحيح هو عبد الرحمن بن أبي نجران وذلك للأسباب التالية : أ - إن المذكور في بحار الأنوار للعلامة المجلسي ( عبد الرحمن بن أبي نجران ) ( بحار الأنوار : ج 43 ، ص 170 ، ح 11 ) ، ومن المعلوم أن كثيرا من النسخ كانت موجوده في زمان العلامة المجلسي وهي تعتبر من المفقودات حاليا ، ولهذا الامر خصص السيد الخوئي ( رضوان الله عليه ) بابا ورد في جميع أجزاء المعجم تحت عنوان ( اختلاف النسخ ) ينقل فيه عن نسخ الوافي للفيض الكاشاني ووسائل الشيعة للحر العاملي وهما من معاصري العلامة المجلسي ، بل إنه نقل عن كتاب مرآة العقول للعلامة المجلسي ، واعتمد في كثير من الأحيان علي تلك النسخ وفقا للقرائن الموجودة في معرفه التصحيف الموجود في النسخ الأخرى . ب - إن عبد الرحمن بن بحر ليس له كثير ذكر في الروايات ، والسيد الخوئي نقل في معجمه أن اسمه جاء في سند رواية واحده في كتاب تهذيب الاحكام ، ثم ذكر بعد ذلك وجود اختلاف في سند هذه الرواية بين ما هو موجود في الكافي وبين ما هو موجود في التهذيب ووسائل الشيعة ، واستنتج بعد ذلك وجود التصحيف في كتاب التهذيب اعتمادا على ما جاء في الوافي والكافي وأن الصحيح هو عبد الرحمن بن يحيى ( معجم رجال الحديث : ج 9 ، ص 312 ، ج 14 ، ص 216 ) . ج - لو تنزلنا وفرضنا وجود شخص في الرواه باسم عبد الرحمن بن بحر استنادا لنسخه تهذيب الاحكام فان الراوي عنه فيها هو محمد بن أبان والمروي عنه فيها هو زرارة ( تهذيب الاحكام : ج 7 ، ص 480 ، ح 1929 ) ، وهذا يعنى أنه في الطبقة الخامسة ، حيث أن زرارة يعد من الطبقة الرابعة ، ولكن هذا لا يصح في خصوص رواية دلائل الإمامة حيث أن الروي عن عبد الرحمن بن بحر هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري وهو من الطبقة السابعة ، والمروي عنه هو عبد الله بن سنان وهو من الطبقة الخامسة مما يعني أنه في الطبقة السادسة ، ولو صحت رواية التهذيب لوقع اختلال في طبقه عبد الرحمن بن بحر إذ لا يمكن لأحمد بن عيسى وهو في الطبقة السابعة أن يروي عمن هو في الطبقة الخامسة . ويدل أيضا على وجود التصحيف وأن الصحيح هو عبد الرحمن بن أبي نجران كما أثبته العلامة المجلسي أن عبد الرحمن بن أبى نجران الثقة يعتبر من الطبقة السادسة ، وذلك يعني أنه واقع في السلم الطبيعي بين من هو في الطبقة السابعة والخامسة ، كما أن رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، وكذلك رواية عبد الرحمن بن أبي نجران عن عبد الله بن سنان معهودة . ( راجع معجم رجال الحديث : ج 9 ، ص 301 ، 302 ، 518 ، 521 ، 522 ) . تجدر الإشارة إلى ان التصحيف موجود في كتاب دلائل الإمامة كغيره من الكتب ، ولابد في معرفته من معرفه طبقه الرواه وكذلك مقارنه ما هو موجود من الحديث مع الأحاديث الأخرى التي تذكر نفس المتن مع اختلاف في السند ، وكمثال على ذلك ما رواه الطبري في دلائل الإمامة ضمن الفصل المختص بفاطمة الزهراء سلام الله عليها الحديث الذي يشرح معنى المحدثة مع مقارنته لما رواه الشيخ الصدوق في علل الشرائع ( دلائل الإمامة : ص 80 ، ح 20 ، وعلل الشرائع : ص 182 ، الباب 146 ، ح 1 ) .

318