نام کتاب : حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 89
حين يعنى بتدوين تاريخ أمة وقد ظهرت فيها الاختلافات ، وتوزعت أبناءها المذاهب ، وتغلبت الأهواء التي تفرض هيمنتها في صياغة أفكار الناس ورؤيتهم للأحداث ، عندئذ أين سيقف التاريخ ؟ هل سيكون بعيدا عن معترك الميول والأهواء ، منفصلا عن قيود الزمان والمكان ليسجل الأخبار والأحداث كما هي تماما ، وبكامل أسبابها ومقدماتها وتفاصيلها وما خلفته من آثار ، يسجلها كما هي قبل أن تنفعل معها الميول والأهواء ؟ لا شك أن هذا هو الأمل المنشود ، وهو الذي تقتضيه الأمانة للتاريخ وللحقيقة . . ولكن لا شك أيضا أن التاريخ لم يكتب في الفضاء ، ولا كان المؤرخ يستقل بساطا سحريا يقله فوق آفاق زمانه ومكانه . . إنه يكتب من على الأرض ، وفي زمان ما ومكان ما . . وإنه يكتب ما يسمع ، لا ما يرى . . وإنما يحدثه رجال لهم حيال الأحداث مواقف وميول ، فهو لم يسمع في الحقيقة حدثا مجردا ، وإنما سمع الحدث ممزوجا به انفعالات الناقلين . .
89
نام کتاب : حوار في العمق من أجل التقريب الحقيقي نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 89