نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 99
ولكن هذه السعادة - وإنها لخليقة أن تملأ نفسه الكريمة وتفيض - كان يشوبها حزن غير رفيق ، وينغصها هم غير موادع ، يؤرقانه ليلا إذا أظله الليل ، ولا يريحانه نهارا إذا امتد عليه ضوء الشمس ، وإذا دعته مهامه على هذا الضوء إلى تصريف الأمور ، وتشريع الأحكام ، وسياسة الدولة ، وتوسيع ظلها ، إنه ينشط أتم ما يكون النشاط لهذا كله ، فهو ساهر عليه ، قوي فيه ، ولكنه لا ينسى همه الذي ينغص عليه سعادته ، ولا حزنه الذي يشوبها ، وإنها لسعادة خليق بها أن تملأ نفسه وتصفو له مما يشوب ومما ينغص . الدين تم طقوسا وأحكاما وقوانين وتقاليد ، وتم إقناعا ونفوذا وقدسية وانتشارا ، ولم يبق منه إلا امتداده بعد النبي بخليفة يحافظ على ما تم منه ، وينميه كما تم باجتهاد مستوحى من روحه ونصوصه ، فيجاوزه بأمانة إلى أمكنة بعيدة ، وينقله إلى أزمان جديدة ، فهو دين أبد ، تنزل آخر صيغة من صيغ الرسالات بشريعة سمحاء تكفل للإنسان - ما عاش الإنسان - أمنه وحريته وكرامته وسعادته ونموه ، فلا يخشى عليه من نقص في ذات نظمه وقوانينه وتعاليمه وأخلاقه ، وتفاسيره لله والحياة والإنسان ، ولكن أخشى ما يخشى عليه من الخلفاء باسمه ، والطامعين به إلى العروش والتيجان والمغانم فإذا تركه دون أن ينصب عليه خليفة من معدنه ، قويا أمينا عليه خشي أن يرتد نصره الغالي فتنة وتطاحنا وأثرة يكون فيها روح الإسلام نفسه صريعا قبل كل صريع .
99
نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 99