نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 30
خدمة ربه دون أن يثير حفيظة قومه أو يريبهم ، فيفاجئهم شيئا فشيئا بسنن وتنظيمات تعدهم لما يسميه ( الحنيفية ) من دين جده إبراهيم ، ومن حكمته - في تأتيه الفرصة وتحينها - أنه بدأ بنفسه فاجتنب الخمر على أنها رجس ، ولم يحرج قومه بحملهم على اجتنابها ، مكتفيا بهذه السلبية التي تقبح عادة من عاداتهم ، وتسفه حلما من أحلامهم وتنزل من عقول عقلائهم منزل القدرة ، ثم فارقهم في حقيقة دينهم كله بسلبية أخرى دون إكراه ، وذهب إلى غار ( حراء ) يتحنث وينسك معتزلا آلهتهم متوجها إلى إلهه بصومه وعبادته ، مكتفيا أيضا بسلبية تحقر الأوثان تحقيرا غير مباشر ، وتشنع على الوثنية والوثنيين تشنيعا دوى في صدور الأحناف ، ثم تجاوز حقل الدين إلى حقل الحياة بثورة أخرى على شكل آخر ، فأهان ( أسافا ونائلة ) إلهي النحر والأضحيات ، بحفره عندهما بئر زمزم ، وقد تكلف بهذه الثورة بعض الجهد ، واحتمل بعض المشقة ، ولكنه انتصر ، وأعلن من نصره هذا نصرين عظيمين على الخرافة والتقاليد . انتصر على ( أساف ونائلة ) باستخفافه بهما ، وإعلانه ضعف خطرهما ، وانتصر على عجز الإنسان باكتشافه ماء زمزم : هذه البئر التي لا تنزف أبدا ولا تذم . ثم كانت له آيات أحدثت في سور القوم المسحور كثيرا من الصدوع ، وفتحت به كثيرا من الثغر ، في جهاد صادق كان يصرع الأوهام في هذا البلد شيئا بعد شئ ، ويؤلب عليها أهله ، والأقرب من عشيرته وصديقه ، فإذا جاء اليوم الخطير وجد طريقه ممهدا .
30
نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 30