نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 108
طامي العباب ، وتعريضه لأمواج يعلم أنها لن تنتهي به إلى شاطئ ، بل يعلم أن التيارات تتحكم به وتستبد بزمامه ، فتلقيه في إحدى الجزر النائية رهينا بأمر حاكم يستدر منافعه ، ويستثمر اسمه ثم لا يزيد . وحين عدل عن الشورى ، عين ( عليا ) ولم يعينه إلا لأنه الأفضل بالاتفاق ، وإلا لأن قدرته على التجرد من ذاته تأتي في طليعة فضائله ، فهو الرجل المتوفرة فيه خصائص الشخصية النبوية التي تستطيع النهوض بأعباء الحكم القرآني ، تبذل السلام وتزيل أسباب العقد ، وتهدم جدارات التفاوت . ولم تكن حقائق هذه النظرة خافية على الناس : كل الناس في عهد عمار ، ولكن للأحزاب التي ورمت آنافها يوم ذاك شأنا في التغافل عن نبيل هذا القصد ، ولا يستبعد على من لم يتعمقوا الإسلام أن يسيئوا فهم هذا القصد ظانين أن النبي كان كأحدهم يؤثر بيته بالمنفعة ، ويحصر الحكم في آله على أساس عائلي ، الأمر الذي يفتح أمام الرأي هوة رهيبة بين عقلية النبي ، وعقلية كثير من صحابته وأنصاره ، وهم نظروا أو شاؤوا أن ينظروا إلى الخلافة نظرهم إلى الملك ، وأسبغوا على هذه النظرة ما بأنفسهم من شوق الوصول ، وأمنية النفع الشخصي . ونظر هو إلى الخلافة نظرة حرة تسخرها لنفع الجميع ، فاختار لها بطلها الذي اتفق كونه عليا ، ولو اتفق أن يكون أبا سفيان مثلا لما عدل عنه والله ، ولا يصور هذه الهوة شئ كما يصورها اعتذار أجلائهم بعد إقصاء علي عن الحكم
108
نام کتاب : حليف مخزوم ( عمار بن ياسر ) نویسنده : صدر الدين شرف الدين جلد : 1 صفحه : 108