نام کتاب : حقيقة علم آل محمد ( ع ) وجهاته نویسنده : السيد علي عاشور جلد : 1 صفحه : 58
فإذا اشتغل الانسان بالنظر إلى آيات نفسه وشاهد فقرها إلى ربها وحاجتها في جميع أطوار وجودها ، وجد أمرا عجيبا ، وجد نفسه متعلقة بالعظمة والكبرياء متصلة في وجودها وحياتها وعلمها وقدرتها وسمعها وبصرها وإرادتها وحبها وسائر صفاتها وأفعالها ، بما لا يناهى بهاء وسناء وجمالا وجلالا وكمالا من الوجود والحياة والعلم والقدرة وغيرها من كل كمال ) ( 1 ) . وقال صدر المتألهين في شرح أصول الكافي ( شرح الحديث العاشر ) : ( اعلم أن العلم بالأشياء الجزئية على وجهين : أحدهما : ان يعلم الأشياء من الأشياء ، بحس أو تجربة أو سماع خبر أو شهادة أو اجتهاد ، ومثل هذا العلم لا يكون إلا متغيرا فاسدا محصورا متناهيا غير محيط ، فإنه يلزم ان يعلم في زمان وجودها علما ، وقبل وجودها علما آخر ، ثم بعده علما آخر . فإذا سئل العالم بهذا العلم عن حادث ما ، كالكسوف مثلا حين وجوده يجيب بجواب فيقول مثلا : انكسفت الشمس ، وإذا سئل عنه قبل حدوثه يجيب بجواب آخر فيقول : سيكون الكسوف ، ثم إذا سئل بعده فيقول : قد كان الكسوف . فعلمه بشئ واحد تارة كان وتارة كائن وتارة سيكون ، فيتغير علمه . ومثل هذا العلم الانفعالي متغير فاسد ليس بيقين إذ العلم اليقيني ما لا يتغير أصلا . وثانيهما : أن لا يعلم الأشياء من الأشياء ، بل يعلم بمباديها وأسبابها ، فيعلم أوائل الوجود وثوانيها ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى الجزئيات ، علما واحدا وعقلا بسيطا محيطا بكليات الأشياء ، وجزئياتها على وجه عقلي غير متغير ، فمن عرف المبدأ الأول بصفاته اللازمة وعرف انه مبدأ كل وجود وفاعل كل فيض وجود عرف أوائل الموجودات عنه ، وما يتولد عنها على الترتيب السببي والمسببي ، كما
1 - تفسير الميزان : 6 / 171 - 172 مورد آية 105 من المائدة - البحث الروائي .
58
نام کتاب : حقيقة علم آل محمد ( ع ) وجهاته نویسنده : السيد علي عاشور جلد : 1 صفحه : 58