نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 98
لم يعلمه بعينه ، ألا ترى أنا بعد علمنا بصدق النبي صلى الله عليه وآله جازمون بصدق كل ما يخبر به ، وإن لم نعلم تفصيل ذلك جزءا جزءا ، حتى لو فصل ذلك علينا واحدا واحدا لما ازداد ذلك الجزم . نعم الزائد في التفصيل إنما هو إدراك الصور المتعددة من حيث التعدد والتشخص وهو لا يوجب زيادة في التصديق الاجمالي الجازم ، فإن هذه الصور قد كانت مجزوما بها على تقدير دخولها في الهيئة الإجمالية ، وإنما الشاذ عن النفس إدراك خصوصياتها ، وهو أمر خارج عن تحقق الحقيقة المجزوم بها . نعم لا ريب في حصول الأكملية به ، وليس الكلام فيها . وقد أجاب بعض المفسرين عن الآية الثالثة بأن تكرار الإيمان فيها ليس فيه دلالة على الزيادة ، بل إما أن يكون باعتبار الأزمنة الثلاثة ، أو باعتبار الأحوال الثلاث : حال المؤمن مع نفسه ، وحاله مع الناس ، وحاله مع الله تعالى ، ولذا بدل الإيمان بالاحسان ، كما يرشد إليه قوله صلى الله عليه وآله في تفسيره الإحسان " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . أو باعتبار المراتب الثلاث : المبدأ ، والوسط ، والمنتهى . أو باعتبار ما ينبغي ترك المحرمات حذرا عن العقاب ، وترك الشبهات تباعدا عن الوقوع في المحرمات ، وهو مرتبة الورع ، وترك بعض المباحات المؤذنة بالنقص ، حفظا للنفس عن الخسة ، وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة . أو يكون هذا التكرار كناية عن أنه ينبغي للمؤمن أن يجدد الإيمان في كل وقت بقلبه ولسانه وأعماله الصالحة ، وعبر عنه على بقائه [1] والثبات عليه عند الذهول ليصير الإيمان ملكة للنفس ، فلا يزلزلها عروض شبهة انتهى .