نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 90
مع علمه بحقيقتها ، وبينهما واسطة ، فإن من حصل له التصديق اليقيني [1] في أول الأمر ولم يكن تلفظ بكلمات الإيمان لا يقال له إنه منكر ولا جاحد . وحينئذ فلا يلزم اجتماع الكفر والإيمان في مثل هذه الصورة ، مع أنه غير مقر ولا تارك للاقرار جحدا كما هو المفروض ، هذا إن قصد بالآية الدلالة على اعتبار الاقرار أيضا ، وإلا لكان اعتبار الاقرار دعوى مجردة ، وقد علمت ما عليه . وأما دلالة الآية الكريمة على كفره في صورة جحده واستيقانه ، فنقول بموجبه ، لكن ليس لعدم إقراره فقط ، بل لأنه ضم إنكارا إلى استيقان . وبالجملة فهو من جملة العلامات على الحكم بالكفر ، كما جعل الاستخفاف بالشارع أو الشرع ووطئ المصحف علامة على الحكم بالكفر ، مع أنه قد يكون مصدقا كما سبقت الإشارة إليه . نعم غاية ما يلزم أن يكون إقرار المصدق شرطا ، لحكمنا بإيمانه ظاهرا ، وأما قبل ذلك وبعد التصديق ، فهو مؤمن عند الله تعالى إذا لم يكن تركه للاقرار عن جحد . على أنه يلزمه قدس سره أن من حصل له التصديق بالمعارف الإلهية ثم عرض له الموت فجأة قبل الاقرار يموت كافرا ويستحق العذاب الدائم ، مع اعتقاده وحدة الصانع وحقية ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله ، ولا أظن أن مثل هذا المحقق يلتزم ذلك . والحاصل أنه إن أراد رحمه الله أن كون الانسان مؤمنا عند الله سبحانه - كما هو ظاهر كلامه - لا يتحقق له إلا بمجموع الأمرين ، فالواسطة والالتزام لازمان عليه . وإن أراد أن كونه مؤمنا في ظاهر الشرع لا يتحقق إلا بالأمرين معا ، فالنزاع لفظي ، فإن من اكتفى فيه بالتصديق يريد به كونه مؤمنا عند الله تعالى فقط . وأما عند الناس ، فلا بد في العلم بذلك من الاقرار ونحوه .