نام کتاب : حقائق الإيمان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 112
وأجاب السيد عن ذلك ، بأن المراد - والله أعلم - من وصفهم بالإيمان الإيمان اللساني دون القلبي ، وقد وقع مثله كثيرا في القرآن العزيز ، كقوله تعالى " آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " [1] وحيث أمكن صحة هذا الإطلاق ولو مجازا سقط الاستدلال بها . ثالثها : أن الشارع جعل للمرتد أحكاما خاصة به لا يشار كه فيها الكافر الأصلي كما هو مذكور في كتب الفروع ، وهذا أمر لا يمكن دفعه ، ولا مدخل للطعن فيه فإن الكتاب العزيز والسنة المطهرة ناطقان بذلك ، والاجماع واقع عليه كذلك ولا ريب أن الارتداد هو الكفر المتعقب للإيمان ، كما دل عليه قوله تعالى " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر " [2] الآية ، فقد دل ما ذكرناه على أن المؤمن يمكن أن يكفر . أقول : وللسيد رحمه الله أن يجيب عن ذلك ، بأن ما ذكر إنما يدل على من اتصف في ظاهر الشرع بالارتداد ، فحكمه كذا وكذا ، ولا يدل أنه صار مرتدا بذلك في نفس الأمر ، فلعله كان كافرا في الأصل . وحكمنا بإيمانه ظاهرا للاقرار بما يوجب الإيمان مع بقائه على كفره عند الله تعالى ، وبفعله ما يوجب الارتداد ظاهرا حكمنا بارتداده ، أو كان مؤمنا في الأصل ، وهو باق على إيمانه عند الله تعالى ، لكن لاقتحامه حرمات الشارع وتعديه هذه الحدود العظيمة جعل الشارع الحكم بالارتداد عليه عقوبة له ، لتنحسم بذلك مادة الاقتحام والتعدي من المكلفين ، فيتم نظام النواميس الإلهية . وأقول : الحق أن المعلومات التي يتحقق الإيمان بالعلم بها أمور متحققة ثابتة لا تقبل التغيير والتبدل ، إذ لا يخفى أن وحدة الصانع تعالى ووجوده وأزليته