تحيي به ما قد مات ، وترد به ما قد فات ، وتخرج به ما هو آت ، وتوسع به في الأقوات ، سحابا متراكما ، هنيئا مريئا ، طبقا مجلجلا ، غير ملث ودقه ، ولا خلب برقه . اللهم : اسقنا غيثا مغيثا ، مريعا ممرعا ، عريضا واسعا ، غزيرا ، ترد به النهيض ، وتجبر به المهيض . اللهم : اسقنا سقيا تسيل منه الظراب ، وتملأ منه الجباب ، وتفجر به الأنهار ، وتنبت به الأشجار ، وترخص به الأسعار في جميع الأمصار ، وتنعش به البهائم ، والخلق ، وتكمل لنا به طيبات الرزق ، وتنبت لنا به الزرع ، وتدر به الضرع ، وتزيدنا به قوة إلى قوتنا . اللهم : لا تجعل ظله علينا سموما ، ولا تجعل برده علينا حسوما ، ولا تجعل صوبه علينا رجوما ، ولا تجعل ماءه علينا أجاجا . اللهم : صل على محمد وآل محمد ، وارزقنا من بركات السماوات والأرض إنك على كل شئ قدير [1] . وهكذا فإن الإمام زين العابدين عليه السلام في دعاء الاستسقاء ، لا يحصر اهتمامه بما حوله من الأفراد والشؤون الخاصة ، بل يعمم اهتمامه على كل العباد وكل البلاد ، وينظر برقة ولطف إلى كل قضاياها الطبيعية والنفسية والمعاشية ، وحتى الجوية والزراعية وحتى طلب ( القوة ) . إن التأمل في مضامين هذا الدعاء يفتح آفاقا من سياسة الإمام السجاد عليه السلام . وهكذا ننتهي من هذا الفصل ، وقد وقفنا فيه على أبرز ما امتاز به الإمام زين العابدين عليه السلام من التزام العبادة ، والبكاء ، والدعاء ، ووجدنا كيف أن الإمام عليه السلام قد استخدم كل ذلك في تمرير خطته الحكيمة التي اتخذها لتثبيت قاعدة الإمامة الحقة ، وما في عمله من تعرض للحاكمين ، وتعريض بهم وبفساد تصرفاتهم ومخالفتهم