عن أن يكون للإمام نفسه التخلي عنها ، واعتزالها . خصوصا إذا لاحظنا رأي الشيعة في الإمامة ، فهم يعدونها من الأصول الاعتقادية ، ويعظمون شأنها ، فيلتزمون بوجوب النص عليها من الله تعالى ، باعتبار أن العلم بتحقق شروطها ، لا يكون إلا ممن يعلم الغيب ويطلع على السرائر وليس هو إلا الله تعالى [1] ولذلك : اختصت الإمامة عند الشيعة بهالة من القدسية ، وبإطار من العظمة ، وبوفرة من الاهتمام ، تجعلها عندهم بمنزلة النبوة في المسؤوليات ، إلا أن النبوة تمتاز بالوحي المباشر من الله تعالى ، وقد استوحوا هذه المنزلة من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) [2] الحديث الذي يعتبر من أدلة إمامة علي عليه السلام . وقد جاء التعريف الجامع للإمامة - على رأي الشيعة الإمامية - في حديث الإمام الرضا علي بن موسى بن جعفر عليه السلام ، حيث قال : . . . إن الإمامة هي منزلة الأنبياء ، وإرث الأوصياء . إن الإمامة خلافة الله عز وجل ، وخلافة الرسول ، ومقام أمير المؤمنين . . . إن الإمامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعز المؤمنين . إن الإمامة أس الإسلام النامي ، وفرعه السامي ، إلى آخر كلامه في ذكر الإمام
[1] الإفصاح للمفيد ( ص 27 ) وانظر الأحكام للهادي إلى الحق ( 2 : 460 - 461 ) وإكمال الدين للصدوق ( ص 9 ) . [2] حديث ( المنزلة ) من المتواترات ، قاله الكتاني في نظم المتناثر ( ص 195 رقم 233 ) وأورده من حديث ثلاث عشرة نفسا ، وقال : وقد تتبع ابن عساكر طرقه في جزء ، فبلغ عدد الصحابة فيه نيفا وعشرينا . وفي ( شرح الرسالة ) للشيخ جسوس : حديث ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) متواتر جاء عن نيف وعشرين صحابيا . وقد رواه من أصحاب الكتب : البخاري في صحيحه ( 4 : 208 ) و ( 5 : 129 ) ومسلم في صحيحه ( 2 : 360 ) وأحمد في مسنده ( 1 : 173 ) وانظر الاعتصام ( 5 : 390 )