نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 94
لا يجوز دخولهم المسجد ، والتكليف لا يستلزم كون المكلف مخاطبا به خطاب مشافهة ، بل يجوز أن يخاطب آخر بتبليغه إلى المكلف كما في كثير من التكاليف الشرعية ، ويدل عليه قول علي ( عليه السلام ) حين نادى ببراءة : " ألا لا يحج بعد عامنا هذا مشرك " [1] . وأما استفادة الحكم الثاني وهو عدم تمكين المؤمنين لهم من النهي فمبني على جعله من باب الكناية ، كما في * ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان ) * [2] نهاه عنه ، والمراد نهيهم عن اتباعه والافتتان به لأنهم لو اتبعوه لامتحنهم ، والكناية لا تنافي الحقيقة ، فيجوز إرادة المعنى وهو نهي المشركين أن يقربوه مع إرادة لازمه وهو نهي المسلمين عن تمكينهم منه ، لأنهم لو مكنوهم لدخلوه كما كانوا يدخلونه . والفرق أن إرادة اللازم أصل ، وإرادة المعنى تبع كما أومأنا إليه ، وذلك غير إرادة مجموع المعنيين ، بل إرادة كل واحد منهما معا كما بين في الأصول . لا يقال : إن اللفظ إذا دل بأقوى الدلالتين لا يدل بأضعفهما ، لأن القوة والضعف يتنافيان . لأنا نقول : لا نسلم ذلك ، وإنما يكون كذلك لو كانت الدلالة الضعيفة والقوية من جهة واحدة ، وهما فيما نحن فيه ممنوع ، ضرورة أنهما من جهتين مختلفتين إحداهما بالمطابقة والأخرى بالالتزام . فظهرت ثمرة الخطاب وفائدته من غير أن يكون فيه تعسف ، ولا جمع بين الحقيقة والمجاز ، وكذلك ليس فيه ما يجري مجرى التكليف بالمحال ، لأنهم يتمكنون من امتثاله حال الكفر لتحقق شرط الامتثال وهو فهم المكلف التكليف ، وهو الذي جعلوه شرطا لصحته كما فصلناه في بعض رسائلنا وليس بشرط في التكليف بفعل حصول شرطه الشرعي وهو هنا الإيمان ، بل يجوز التكليف به وإن لم يحصل شرطه .