نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 67
التفتت والتشتت ، أو بإنشائها منها مرة أخرى كما أنشأها منها في المرة الأولى ، ، وقد ورد في الخبر : " أن الله إذا أراد أن يبعث الخلق مطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم " [1] . وبعضهم [2] حمل الطينة في هذا الخبر على النفس الناطقة مجازا ، لأن المدار عليها ، ولا اعتبار بالبدن فإنها تثاب وتعاقب ، وهو بعيد . وإنما تبقى مستديرة لكونها في بدو الفطرة حين كونها في الرحم كذلك ، لأن الماء بطبعه يقتضي الكروية والاستدارة حيثما كان كما هو المقرر عندهم ، حيث قالوا : إن السطح الظاهر من الماء الواقف أينما كان يكون قطعة من سطح كري مركزه مركز العالم ، لأنه لو كان سطحا مستويا لكان جزءا منه أقرب منه إلى المركز وجزءا منه أبعد فيميل الماء من الموضع الأبعد إلى الموضع الأقرب ، لأنه سيال مائل إلى مركز العالم بالطبع فينتقل من موضع إلى آخر ، أي : تتشابه نسبة جميع أجزاء سطحه الظاهر إلى مركز العالم فيصير قطعة من سطح كرة مركزها العالم . وقد يقال : إن استدارتها كناية عن انتقالها من حال إلى حال من الدوران بمعنى الحركة ، يعني : أنها مأخوذة من دار يدور دورانا ، بمعنى منتقلة من حال إلى حال ، ومن شأن إلى شأن ، فما سوى الطينة ينفى وإنما تبقى الطينة مستديرة مستديمة مستمرة في جميع مراتب التغير دائرة منتقلة من حال إلى حال مع بقائها بذاتها حتى يخلق منها كما خلق أول مرة . والأظهر أن المراد بالطينة هنا كما سبق شخص النطفة التي خلق منها الميت تبقى في القبر على هيأة الكرة إلى أن يعاد في القيامة ، ولا استبعاد في بقائها بحالها بالنظر إلى قدرة الله القادر ، فلا حاجة إلى تأويلها بالصورة البرزخية الباقية بعد الموت ، ولا إلى القول بأنها إنما لا تبلى لأنها لا تقبل البلى ، لأنه خلاف الأظهر بل هو خلاف الشرع الأنور ، لابتنائه على القواعد الفلسفية .