نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 219
وجودها كعدمها ، بخلاف العمل فإن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذره شرا يره ، فصح أن النية بهذا الاعتبار خير من العمل . أقول : وفيه نظر ، إذ لا نسلم أن طبيعة النية لا يترتب عليها عقاب أصلا ، وأنها إذا كانت شرا كان وجودها كعدمها ، كيف وقد روي في تتمة الخبر : " إن نية الكافر شر من عمله " ؟ ولا ريب أنه معاقب بعمله ، فيكون معاقبا بنيته بطريق أولى ، لأنها شر من عمله ، وقد سبق آنفا أن أهل النار إنما خلدوا فيها بنياتهم . والسر فيه : ما مر أنه لما كان راغبا إلى الشر مشتاقا له مريدا فعله ولم يمكنه ذلك ، وقد تمكنت هذه النية في نفسه وصارت ملكة فيها ، وكان الله عالما بنيته وسريرته ، جزاه بذلك مثل ما جزاه بفعله ، فهما متساويان في العقاب ، وأحدهما تلزمه لذة ما فانية دنيوية دون الآخر فهو شر منه . وقد ذكر بعض الأجلاء [1] من أصحابنا أن قوله تعالى * ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) * [2] وقوله : * ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ) * [3] يدلان على العقاب بأفعال القلب ولو بقصد المعصية ، وذلك غير بعيد ، فإن قصد القبيح قبيح عقلا وشرعا ، إلا أنه لا يعاقب عليه العقاب الذي يعاقب عليه بفعله في الخارج ، وبه يجمع بين الأدلة بل بين الأقوال . انتهى كلامه طاب منامه . وفيه تأمل يعرف مما سبق ، نعم لا يدخل فيه ما يخفيه الانسان من الوسواس وحديث النفس ، لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه ، ولكن ما قصده وعزم عليه . ويؤيده قول الرضا ( عليه السلام ) في جواب المأمون حين سأله عن قوله : * ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) * [4] : " لقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به ، لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه " [5] حيث
[1] هو المحقق الأردبيلي في آيات أحكامه . [2] البقرة : 284 . [3] البقرة : 235 . [4] يوسف : 24 . [5] عيون أخبار الرضا 1 : 201 .
219
نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 219