نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 175
فهذا الحديث لو ثبت وصح لوجب حمله على المجاز الذي هو من باب استعمال الشئ في مقابل ضده ، ومثل * ( ومكروا ومكر الله ) * [1] وإن كان المكر مستحيلا من الله تعالى ، ولا استبعاد فيه ، فإن كراهة المؤمن الموت تقتضي ترجيح عدمه كرامة له عند الله ، ومقتضى حكمته تعالى وهو الموت وعدم الخلود لأحد غيره تعالى ، كما قال : * ( كل نفس ذائقة الموت ) * [2] تقتضي ترجيح موته ، فلهذين السببين سمي ترددا . ويمكن أن يكون ذلك لملك الموت وأعوانه من الملائكة ، أسند إليه تعالى مجازا كما في قوله : * ( فلما آسفونا انتقمنا منهم ) * [3] فإن كونه مأمورا بقبض روحه يقتضي ترجيحه ، وكون المؤمن كارها له يقتضي ترجيح عدمه . ومنهم من أوله إلى أن أفعال النفوس الفلكية وإرادتها لما كانت مستهلكة في فعله تعالى وإرادته ، وكانت تلك النفوس غير محيطة بتفاصيل الحوادث الاستقبالية دفعة واحدة بل إنما تنتقش فيها شيئا بعد شئ مع أسبابها ، فإذا كانت الأسباب لوقوع أمر ولا وقوعه متكافأة ولم يحصل لها العلم برجحان أحدهما بعد كان لها التردد في وقوعه ولا وقوعه ، جاز وصفه تعالى بالتردد لذلك . وهو - مع بعده ، وابتنائه على قواعد الفلاسفة ، ومخالفته لكثير من الأخبار - مخالف لما انعقد عليه إجماع المسلمين من ارتفاع الحياة عن الفلك وما اشتمل عليه من الكواكب ، فإنها مسخرات مدبرات لا خلاف فيه بينهم ، كما نقله السيد وكفى به ناقلا في الغرر والدرر [4] . فإن قلت : هل كراهة الموت مذمومة ؟ فإنه سبب اللقاء كما قال الله تعالى : * ( من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت ) * [5] فينبغي أن يكون للمؤمن محبوب
[1] آل عمران : 54 . [2] آل عمران : 185 والأنبياء : 35 والعنكبوت : 57 . [3] الزخرف : 55 . [4] لم أعثر في أماليه المطبوع . [5] العنكبوت : 5 .
175
نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 175