نام کتاب : جامع الشتات نویسنده : الخاجوئي جلد : 1 صفحه : 110
العلماء ، أي : حجاب ربي نور يمنع من رؤيته ، مع أنه لا حجاب له لكونه في أعلى مراتب التجرد ، والحجاب من لواحق الماديات لا من عوارض المجردات ، وإنما احتجب لشدة ظهوره ، فإن الشئ إذا جاوز حده انعكس ضده ، وهذا معنى ما قيل : إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار ، وذلك لأنه معقول بذاته غير محتاج إلى عمل يعمل به ليصير معقولا ، فإن لم يعقل ولن يعقل أبدا كان من جهة العاقل لا من جهته . ولا يذهب عليك أن تقريره هذا يفيد أن رؤيته تعالى ممكنة بالذات وممتنعة بالغير ، وهذا لا يستقيم إلا على مذهب من ذهب إلى كونه تعالى جسما أو ما يستلزمه كالمجسمة الغير المبلكفة والمشبهة والأشاعرة ومن يحذو حذوهم ، فالحق في تقريره على تقدير صحة السند وكونه من كلام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما قررناه من أن المراد أنه تعالى نور مجرد غير ممكن إدراكه بالبصر كما أخبر بذلك عن نفسه بقوله : * ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) * [1] هذا . ولو جعل المضارع للحال ، وحمل الرؤية على الرؤية بالقلب تلقيا للمخاطب بغير ما يترقبه ، بحمل كلامه على خلاف مرامه تنبيها على أنه الأولى بالقصد والإرادة ، كما في قول علي ( عليه السلام ) وقد سئل هل رأيت ربك ؟ : " لم أعبد ربا لم أره " [2] لجاز أن يقرأ " إني " بكسر المشددة على هيأة حرف التأكيد . ونوراني كرباني بزيادة الألف والنون مع الياء المشددة للمبالغة ، أي : ربي نور ظاهر بنفسه مظهر لغيره ، إني أراه الآن كما كنت رأيته قبل ذلك الزمان . ولعله لذلك عدل عن مقتضى الظاهر ، حيث لم يقل : إني رأيته ، بل قال : إني أراه . ومن هذا الباب قول الصادق ( عليه السلام ) حينما سئل عن الله جل وعز هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ : " نعم قد رأوه قبل يوم القيامة ، فقيل : ومتى ؟ قال : حين قال لهم : * ( ألست بربكم قالوا بلى ) * ثم سكت ساعة ، ثم قال : وإن المؤمنين ليرونه في