وكتب غشمرة : أسعدني هذا الحوار ( على بعض الجفوة فيه ) بين الصديقين غربي والعاملي ، لأنه حوار العقلاء حين يختلفون ، وهو نقيض في أسلوبه وغاياته لحوار آخر أشار إليه الدكتور نبيل في مقاله عن الرقم ( 19 ) . وأحب أن أشدد هنا على ما أكده غربي ولمح اليه العاملي ، وهو أن إعجابنا بمفكر أو فيلسوف أو باحث في الشرق أو الغرب ، لا يستلزم الإيمان بكل ما يقول . والإيمان ببعض كلامه لا يعني الإيمان بكلامه كله ، والخلاف معه أيضاً لا يستوجب توهين فكره بالكلية . بل وما نؤمن به اليوم من كلام مفكر أو مبدع قابل للكفر به في المستقبل ، مع زيادة حصيلتنا الشخصية من التجربة والبحث والتفكير ، وقد نكون نحن من أخطأ البحث والتجربة لا الكاتب أو المفكر ، وهذا كله من المتحول وليس من الثابت . الخلاصة هنا : أننا نحترم في نيتشه قدرته على تحريك المياه الراكدة ، وعزيمته الدافعة إلى البحث والتفكير ، والإيمان الثابت بما توصل إليه . هل أصاب أم أخطأ ؟ تلك قضية أخرى ، يجب أن ننظر إليها بعيداً عن تقديرنا لعظمة المحاولة والرغبة في التغيير . وما شككت لحظه أن وجود ألف مجنون باحث أكثر نفعاً للإنسانية من مليون عاقل خامد . كما أن وجود ألف مغامر باحث أكثر دلالة على إنسانية الإنسان من مليون قاعد مترهل . نشوفكم على خير . وكتب أبو مهدي : وسلمت براجمك أخي غربي عن كل حرج وعار . . ولا زال مُنْهَلا بجرعائك القطر . ينبغي علينا فذلكة الأفكار . . فبماذا نحتفي إن لم تكن الفكرة أهلاً للاحتفاء .