يقول البروفسور ا . ي . ماندير : ( إن الحقائق التي نتعرفها مباشرة تسمى الحقائق المحسوسة Percieved Facts ، بيد أن الحقائق التي توصلنا إلى معرفتها لا تنحصر في الحقائق المحسوسة ، فهناك حقائق أخرى كثيرة لم نتعرف عليها مباشرة ، ولكننا عثرنا عليها على كل حال ، ووسيلتنا في هذه السبيل هي الاستنباط ، فهذا النوع من الحقائق هو ما نسميه بالحقائق المستنبطة Inferred Facts والأهم هنا أن نفهم أنه لا فرق بين الحقيقتين ، وإنما الفرق هو في التسمية ، من حيث تعرفنا على الأولى مباشرة وعلى الثانية بالواسطة ! والحقيقة دائماً هي الحقيقة سواء عرفناها بالملاحظة أو بالاستنباط . ويضيف ماندير قائلاً : ( إن حقائق الكون لا تدرك الحواس منها غير القليل ، فكيف يمكن أن نعرف شيئاً عن الكثير الآخر ؟ هناك وسيلة وهي الاستنباط أو التعليل ، وكلاهما طريق فكري نبتدئ به بوساطة حقائق معلومة حتى ننتهي بنظرية إن الشئ الفلاني يوجد هنا ولم نشاهده مطلقاً ) ! ويتساءل البروفسور ماندير : ( كيف يصح الاستنباط المنطقي لأشياء لم نشاهدها قط ؟ وكيف يمكن أن نسمي هذا الاستنباط بناء على طلب العقل : حقيقة علمية ؟ ويجيب عن هذا السؤال : ( إن المنهج التعليلي صحيح ، لأن الكون نفسه عقلي . فالكون كله مرتبط بعضه بالآخر ، حقائقه متطابقة ونظامه عجيب ، ولهذا فإن أية دراسة للكون لا تسفر عن ترابط حقائقه وتوازنها هي دراسة باطلة ) . ثم يقول ماندير : ( إن الوقائع المحسوسة هي أجزاء من حقائق الكون ، غير أن هذه الحقائق التي ندركها بالحواس قد تكون جزئية وغير مرتبطة بالأخرى . فلو طالعناها مجردة عن