الخوف من العقاب . وإلى الأولى أشار أمير المؤمنين علي عليه السلام بقوله : ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك . ويدل على الثانية ظواهر الآيات والأخبار ، المشتملة على الترغيب والترهيب كقوله تعالى : وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً َ . ( الأنبياء : 90 ) ، وقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . ( الحج : 77 ) ، أي راجين الفلاح أو لكي تفلحوا . والفلاح هو الفوز بالثواب ، قاله الطبرسي . ويحتمل غير ذلك . ونقل الشهيد رحمه الله في قواعده عن الأصحاب بطلان العبادة بهاتين الغايتين ، وبه قطع السيد رضي الدين بن طاوس رحمه الله محتجاً بأن قاصد ذلك إنما قصد الرشوة والبرطيل ، ولم يقصد وجه الرب الجليل ، وهو دال على أن علمه سقيم وأنه عبد لئيم . واختار فيها وفي الذكرى الصحة ، محتجاً بأن قصد الثواب لا يخرج عن ابتغاء الله بالعمل ، لأن الثواب لما كان من عند الله فمبتغيه مبتغ وجه الله ، وإن الغرض بها الله في الجملة ، ولا يقدح كون تلك الغاية باعثة على العبادة لأن الكتاب والسنة مشتمل على المرهبات من الحدود والتعزيرات والذم والإيعاد بالعقوبات ، وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل والجنة ونعيمها في الآجل . قال : ولو قصد المكلف الطاعة لله وابتغاء وجه الله ، كان كافياً ، ويكفي عن الجميع قصد الله سبحانه ، الذي هو غاية كل مقصد . إذا تقرر ذلك فوجوب نية القربة في الوضوء ، بل في كل عبادة ، لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه . ومما استدل به عليه قوله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ . ( البينة : 5 ) ، ولا يتحقق الإخلاص إلا بها ، والضمير لأهل الكتاب ويدل على ثبوت حكمها في حقنا قوله تعالى بعد : وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ، قال الإمام الطبرسي : القيمة هي المستمرة في جهة الثواب . وحينئذ فلا يصلح النسخ عليها .