وكان الإمام ساكتا لا يتكلم طيلة هذه الفترة ، ولما سكتوا ، قال : " أيها الناس ! إن أمري لم يزل معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب . . . إلا إني أمس أمير المؤمنين ، فأصبحت اليوم مأمورا ، وكنت ناهيا فأصبحت منهيا ، وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون " . فاضطربت أقوال الرجال ، وقام الرؤساء وتكلموا بما تكلموا من الموافقة على رأي الإمام ورفض المحاكمة ، ولكن المهرجين نشروا هذه الكلمة : إن أمير المؤمنين رضي التحكيم . ودخل الأشعث بن قيس ، واستأذن من الإمام أن يكون رسولا إلى معاوية من قبله ، فأذن له . فجاء الأشعث ودخل على معاوية وقال : لأي شئ رفعتم هذه المصاحف ؟ قال معاوية : إلى ما أمر الله به فيها ، فابعثوا رجلا منكم ترضون به ، ونبعث رجلا منا ، ونأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله ولا يعدوانه ، ثم نتبع ما اتفقنا عليه . فرجع الأشعث ، فأقبل جماعة من أصحاب الإمام ، وجماعة أصحاب معاوية ، واجتمعوا بين الصفين ، وتذاكروا حول انتخاب الحكم ، فانتخب أهل الشام عمرو بن العاص ، وانتخب