وعندما استعرت الحرب والتهبت نيرانها ، صاح عبد الله بن راسب : يا بن أبي طالب ، والله لا نبرح من هذه المعركة حتى نأتي على أنفسنا أو نأتي عليك ، فابرز إلي وأبرز إليك ، وذر الناس جانبا ، فلما سمع الإمام كلامه تبسم وقال : " قاتله الله من رجل ما أقل حياءه ، أما إنه ليعلم أني لحليف السيف ، وخدين الرمح ، ولكنه قد يئس من الحياة ، وإنه ليطمع طمعا كاذبا " . ثم حمل عليه الإمام فضربه وقتله وألحقه بأصحابه في النار . واختلط الجيشان فلم تكن إلا ساعة حتى قتلوا بأجمعهم وكانوا أربعة آلاف ، ولم ينج منهم إلا تسعة رجال ، فرجلان هربا إلى خراسان إلى أرض سجستان وبها نسلهما ، ورجلان صارا إلى اليمن وفيها نسلهما ، وهم الأباضية ، ولا يزالون ، ورجلان إلى بلاد الجزيرة إلى موضع يعرف بالسن والبواريج نواحي تكريت في شمال العراق ، بعد مدينة سامراء ، ومن نسلهم [ صدام التكريتي ] ، والباقون تفرقوا في المغرب العربي ، ولا يزال نسلهم بين ليبيا والجزائر . وقتل من أصحاب الإمام ( عليه السلام ) تسعة بعدد من سلم من الخوارج ، وكان ( عليه السلام ) قد أخبر بذلك قبل بدء المعركة .