وانهدامها . وكذلك يعلم البرزخ وما يجري فيه ، موقفا بعد موقف إلى أن يقوم القيامة الحادثة الكبيرة - ولا حادثة أكبر منها - وما يجري فيها من الحوادث إلى أن يستقر أهل الجنة خالدين فيها وأهل النار في النار . وقال تعالى : عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا . [1] واضح أن الاستثناء من الأمر المنفي على الإطلاق يفيد إثبات شئ من الأمر المنفي . فتكون الآية الكريمة تقييدا للآيات السابقة . وفيها تصريح بأن علم ما سواه تعالى الغيب ، إنما يكون بارتضائه وتعليمه وإفاضته للرسول صلوات الله عليه وآله من دون توهم استقلال واستغناء له . وستعلم إن شاء الله أن الله تبارك وتعالى ليس بمنعزل عن هذا العلم الذي أفاضه لرسوله وملكه إياه وكذلك لغيره من الملائكة والأنبياء والرسل والأئمة الصديقين صلوات الله عليهم . ضرورة أن هذه المالكية للغير إنما هي بتمليكه تعالى إياه وفي طول مالكيته تعالى ، فهو تعالى أملك به من جميع ما سواه . قد تبين مما ذكرنا أن فرض التعارض بين القطع الحاصل من الدليل النقلي وبين القطع الحاصل من البرهان المنطقي ، لا مورد له في الغيوب التي ضرب الله عليها الحجاب العمدي وجرت سنته المقدسة أن لا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من الملائكة والأنبياء والصديقين . والمثال الواضح في ذلك أمر المعاد الجسماني ، وإصراره تعالى وإلحاحه في ذلك وتأكيد ذلك بوقوع البعث في مقامات شتى في هذا العالم المشهور ، مثل طيور إبراهيم وقتيل بني إسرائيل ، والذي قال : كيف يحيى الله هذه بعد موتها ، فأماته الله مائة عام ثم بعثه ، والاحتجاجات الكثيرة في القرآن الكريم ، ومثل إيراد قصة أصحاب الكهف ومئات من الآيات الدالة على