غاية دقتها لم يتمكنا من إثبات أمر مثبت يباين الجبر ، بل كلامهما أشبه بالجبر . وقد تقدم في البحث عن قدرته تعالى زيادة توضيح لذلك . فالتحقيق في المسألة أن أئمة أهل البيت عليهم السلام يصرحون بالتصريحات الواضحة أن الأمر بين الأمرين هي الاستطاعة التي أوسع مما بين السماء والأرض . روى الصدوق مسندا عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : ذكر عنده الجبر والتفويض . فقال : ألا أعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا تخاصمون عليه أحدا إلا كسرتموه ؟ قلنا : إن رأيت ذلك . فقال : إن الله عز وجل لم يطع بإكراه ، ولم يعص بغلبة ، ولم يهمل العباد في ملكه . هو المالك لما ملكهم والقادر على ما أقدرهم عليه . فإن ائتمر العباد بطاعته ، لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا . وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك ، فعل . وإن لم يحل وفعلوه ، فليس هو الذي أدخلهم فيه . ثم قال : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه . [1] وروى أيضا مسندا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لا يكون العبد فاعلا ولا متحركا إلا والاستطاعة معه من الله عز وجل . وإنما وقع التكليف من الله تبارك وتعالى بعد الاستطاعة . ولا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا . [2] وروى أيضا مسندا عن علي بن يقطين ، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : مر أمير المؤمنين عليه السلام بجماعة بالكوفة وهم يختصمون في القدر .