وحضورها لديه مجردا عما يلابسه . والجهل ما يقابله . وهما يرجعان إلى الوجود والعدم . وذلك لأن من علم شيئا ، فإن كان صورة المعلوم عين ذاته وذاته عين وجوده الذي لا ينفك عنه فيعلمها دائما لوجوده ، فوجوده العالم ووجوده المعلوم ووجوده العلم . وذلك كعلم الله سبحانه وعلمنا بذواتنا . " [1] ج - وجوه الفرق بين العلم الحقيقي والاصطلاحي 1 - العلم في الكتاب والسنة نور مجرد خارج عن حقيقة الإنسان . وحيث إن الروح - كما ثبت في محله - جسم لطيف مظلم الذات ، يملك العلم والعقل والشعور بالله الذي يملكها - وهو سبحانه أملك بها ، فيفيضها على الروح فيعلم ويعقل ويشعر ، ويقبضها عنه فيجهل . فالروح مبائن مع العلم والعقل والشعور والمعلوم به . أما في الاصطلاح ، فالعلم كيفية نفسانية وحالة من حالات الروح المجرد أو متحد معه على اختلاف القولين . 2 - الصورة الحاصلة في النفس معلومة بالعلم الحقيقي . وكذلك الروح وذو الصورة أيضا معلومان به ، بخلاف العلم الحقيقي ، فإنه يستحيل أن يكون معلوما لتأبيه وتقدسه عن المعلومية . لأنه نوري الذات ظاهر بذاته لذاته . 3 - العلم الاصطلاحي قد يكون جهلا مركبا . فليس له كشف الواقع وإصابته حقيقة ، بخلاف العلم الحقيقي ، فإنه لمكان ظهوره الذاتي يكون كشفا بذاته عن متعلقه فلا يتخلف عن متعلقه بوجه أصلا . فإن قلت : يشترط في صحة العلم الحصولي مطابقته للواقع . قلت : إن هذا الشرط إنما يجدي بحسب مقام الثبوت والواقع . وأما بحسب مقام الإثبات وتشخيص الجهل المركب ، فلا يقدر عليه أحد خاصة في الغيوب . وقد كشف القرآن الكريم عنها وهي من مفاخر علوم القرآن ومن جملة نواحي إعجازه .