الله قليلا ما تذكرون . [1] أقول : الآية الكريمة في عين التذكر إلى وجوده سبحانه ، تذكير إلى وحدانيته تعالى وأنه لا مفرج ولا منجي من البلاء إلا هو ، ويعاتبهم ويوبخهم أنهم لم لا يتذكرون بهذه الابتلاءات والكروب . وحيث إن هذه التحولات الواردة على المضطرين إنما هي متوجهة إلى شخصهم ، فلا محالة يكون الاستدلال والاحتجاج عليهم أوضح وأنور واستحقاقهم للتوبيخ والعقاب أوقع . قال تعالى : قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون . [2] المستفاد من هذه الآية أن هؤلاء المضطرين يدعونه تعالى تضرعا وخفيه - أي يستخفون دعاءهم عن الناس - ويشترطون على أنفسهم مع الالتزام والتعهد بأنه تعالى إن أنجانا من هذه ، لنشكرنه مخلصين . والأسف أنهم نكصوا ونكثوا ، فيعاتبهم الله تعالى أنه ينجيهم من هذه البلية ومن كل كرب سواها وأنهم لا يشكرونه بعد رفع البلاء بل يشركون . قال تعالى : وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور . [3] قال ابن منظور : " اقتصد فلان في أمره ، أي : استقام " . وقال أيضا : " الختر : شبيه بالغدر والخديعة . وقيل : هو الخديعة بعينها . وقيل : هو أسوء الغدر وأقبحه . . .