نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 78
الاستدلال بالجواهر لكان الاقتصار على التراب كافيا ، ولم يكن لتكرير الصفات معنى ، لأن جواهر الموصوف موجودة [1] منذ أخبر سبحانه بالتراب . ولأن تعليق الاستدلال بالجواهر لا يدل لو دل إلا بذكر التراب دون ما بعده ، لكون جواهر النطفة هي جواهر التراب ، وجواهر العلقة هي النطفة ، والمضغة هي العلقة ، والعظم هو المضغة . فلم يبق لاستدلاله سبحانه بالآيات إلا التنبيه على تجدد الأجناس التي ذكرناها ، الحالة في الجواهر ، الدالة بتجددها على أن لها مجددا ، وبتعذرها على الأجسام على كونه سبحانه مخالفا لها ، وبكونها محدثة على أنها مربوبة له . بخلاف ما ذهبت إليه المعتزلة من الفتيا القادحة في حجة القرآن وحكمة منزله ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا . وإنما قلنا بتعذر جنس الجواهر - وما ذكرناه من أجناس الأعراض ومقاديرها ووجوهها الدالة على كون فاعلها عالما على الحي القادر من الأجسام - لتوفر دواعيه إليها ، وخلوصها من الصوارف في أكثر الأحوال ، وتعذر تحصيلها من غير مانع معقول ، وما تعذر لا لمانع فإنما تعذر للاستحالة ، إذ بها حصل الفرق بين المستحيل والجائز . وإلا قد بينا أن الجسم لا يكون إلا قادرا بقدرة ، والقدر من حيث كانت قدرا يستحيل بها فعل شئ من هذه الأجناس لا مباشرة ولا متولدة ، بدليل استعمال محل القدرة والاعتماد في سائر الجهات ، ولا يحصل شئ من هذه الأجناس . فالاختراع متعذر بجنس القدر ، بدليل افتقارها في التأثير إلى استعمال محلها على طريقة واحدة ، ولما يجده الحي من عظيم المشقة في مباشرة بعض