نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 385
وأما الإنفاق ، فيفتقر على أمور : منها : ثبوت المال للمنفق ، وتعيين الزمان الواقعي فيه ، والجهة المتعرف فيها ، وكونه قربة إلى الله تعالى ، وكل مقصود . أما المال ، فالمعلوم من حال أبي قحافة كونه صياد القماري بمكة ، فلما أضر صار مناديا لمائدة عبد الله بن جذعان ، وأبو بكر في الجاهلية خياطا ، وفي الإسلام يبيع الخلفان ، وعمر في الجاهلية جزارا ، وفي الإسلام كلا على غيره من المسلمين ، وقد عد [1] الناس الأغنياء من قريش فلم يعدهما أحد ، وعدوا عفان وابنه عثمان . وأما الزمان ، فلا يخلو أن يكون قبل الهجرة أو بعدها ، وفي أي الحالين كان اقتضى حصول العلم بوجه الذي وقع فيه الإنفاق من حالتي مكة والمدينة . وكذلك القول في الجهة مما يجب العلم بعينها ، أفي مصالح حال النبي صلى الله عليه وآله والمتبعين له ، أو مداراة الكفار ، أو تجييش الجيوش ؟ وكل ذلك لا سبيل إلى إثبات شئ منه بيقين ، وإنما هو مختص بالإرجاف ، لا يجد مدعيه سبيلا إلى إثبات شئ غير ابتياع بلال وعتقه ، وهو من أوضح برهان على عدم الإنفاق ، لاختصاص الدعوى به ، مع بعده من صفة الإنفاق . وأما الجهاد ، فقد بينا خلو القوم منه ، وثبوت ضده من الانهزام في موطن بعد موطن . وإذا خلوا من دعوى القتال الثابت في الآية بغير شبهة ، فلو ثبت الإنفاق لم ينفع ، لأن الوعد في الآية يتوجه إلى من جمع بينهما ، دون من انفرد بأحدهما ، وبهذا يخرج عثمان من مقتضى الظاهر ، لخروجه عن جملة المجاهدين وإن كان له إنفاق ، وانتفاء الصفتين عنهم أو أحدهما كاف في خروجهم عن مقتضى الآية . ولم سلم كونهم ذوي إنفاق وقتال - مع تعذر ذلك - لم يقتض توجه الخطاب إليهم ، لأنه لا حكم ولا إنفاق ولا قتال من دون الإيمان الذين هم براء منه .