نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 166
ومتى تكاملت هذه الشروط كان نسخا ، والمرفوع منسوخا ، والرافع ناسخا . وتأمل كل ناسخ ومنسوخ في شرعنا يوضح عن تكامل هذه الشروط فيه . وامتناعهم من النظر في دعوتنا وتحرزهم من تخويفنا - بدعواهم أن موسى عليه السلام أمرهم بإمساك السبت أبدا وتكذيب من نسخه - إخلال بواجب التحرز ، واعتصام بغير حجة ، لأنه لا طريق لهم إلى العلم بصحة هذا الخبر ، بل لا طريق لهم إلى إثباته واحدا ، وإنما يخبرون عن اعتقادات متوارثة عن تقليد ، لافتقار ثبوت النقل المتواتر وما ورد من طريق الآحاد إلى العلم بأعيان الأزمنة وتعيين الناقلين في كل زمان ، لأن الجهل بالزمان يقتضي الجهل بمن فيه وتعذر العلم به ، وفقد العلم بثبوت الناقلين فيه يمنع من العلم بالتواتر والآحاد بغير إشكال . وهذان الأمران متعذران على اليهود ، لأنه لا يمكن أحدا منهم دعوى حصول النص بأعيان الأزمنة متصلة بوجود اليهود فيها إلى زمن موسى ، وإن ادعاه طولب بالحجة ، ولن يجدها بضرورة ولا دلالة ، والأزمان المعلوم وجود اليهود فيها لا سبيل لمم إلى إثبات ناقلين من جملتهم آحاد فضلا عن متواترين . وإذا تعذر الأمران لم يبق لاعتقادهم صحة هذا الإخبار إلا التقليد الذي لا يؤمن مخوفا ولا يقتضي تحرزا . ولأن وجوب التحرز من تخويفنا ضروري ، والعلم بما تخوف منه ممكن لكل ناظر في الأدلة ، وما يدعى على موسى إذا لم يكن إثباته على ما أوضحناه قبح التكليف معه ، وهو سبحانه لا يكلف على وجه يقبح ، فيجب لذلك القطع على سقوط تكليف شرعهم وفرض التمسك به بخبر غير ثابت بعلم ولا ظن ، مع الخوف العظيم من المتمسك به . على أن الخبر المذكور من جنس الأقوال المحتملة للاشتراط
166
نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 166