نام کتاب : تقريب المعارف نویسنده : أبو الصلاح الحلبي جلد : 1 صفحه : 149
داع إلى الترك ، فيجب إذ ذاك وقوع هذا وارتفاع ذاك ، والرئاسة بخلاف ذلك ، لعلمنا ضرورة بتردد الدواعي إلى الواجب والقبيح والصوارف عنهما ، ووقوع كثير من القبيح ، وارتفاع كثير من الواجب عند وجود الرؤساء المهيبين ، واستحقاق فاعل القبح والمخل بالواجب الذم والاستخفاف ، واستحقاق مجتنب هذا وفاعل ذلك المدح ، وكل هذا ينافي الالجاء بغير شبهة . ولا يمنع من عموم اللطف بالرئاسة تقدير وجود واحد منفرد لا يتقدر منه ظلم أحد ، لأن من هذه صفته إذا كان الظلم مأمونا [1] منه صح منه العزم على فعله متى تمكن منه ، لأن العزم على القبح لا يفتقر إلى التمكن منه في الحال ، لصحة عزم كل من جاز منه القبح على ما يقع بعد أحوال متراخية على العزم . وإذا صح هذا ، فعلم هذا المفرد أن من ورائه رئيس متى رام الظلم منعه منه بالقهر أو أنزل به ضررا مستحقا أو مدافعا به ، صرفه ذلك عن العزم عليه ، كما يصرف ظن كل عاقل عن العزم على قتل السلطان أنه متى رام ذلك منع منه ، ولا فرق والحال هذه بين كون الرئاسة لطفا في أفعال القلوب أو الجوارح . وهذا التحرير يقتضي كون الرئاسة لطفا في الجميع ، لأن الصارف عن أفعال الجوارح صارف عن العزم عليها ، كما أن الداعي إليها داع إلى العزم ، والعزم على الشئ جز منه أو كالجزء في الحسن والقبح . ولا قدح بعموم المعرفة للأزمان والتكاليف والمكلفين في اللطف ، وخصوص الغنى والفقر في تميز الرئاسة منهما فيما له كانت لطفا ، لأن قياس الألطاف بعضها على بعض لا يجوز ، لوقوف كونها ألطافا على ما يعلمه سبحانه ، وإثبات أعيانها وأحكامها بالأدلة . فعموم المعرفة لعموم مقتضيها وأحكامها بالأدلة وخصوص الغنى والفقر