والتعديل . . إن لم نقل بأنّ مقتضى الطعن المذكور فيهما سقوط رواياتهما عن الاعتبار رأساً . . وهناك أحاديث كثيرة في الكتابين قد نصّ العلماء المحقّقون الكبار على بطلانها ، يطول بنا المقام لو أردنا ذكرها ، فراجع بعض مؤلّفاتنا [1] . 3 - إنّ الذهبي - وهو من أكابر أئمّة القوم في الجرح والتعديل - له مجازفات في تعديلاته وتجريحاته . . فليس كلّ ما يقوله الذهبي في حقّ الرجال حقّاً ، وإلاّ كان ما قاله وفعله في حقّ « البخاري » صحيحاً مقبولاً ، وقد قال المنّاوي بعد نقله : « نسأل الله السلامة ونعوذ به من الخذلان » . 4 - إنّه ينبغي أن يتفقّد حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح ، وأنْ يكون المزكّون والجارحون برآء من الشحناء والعصبيّة في المذهب . وهذا ما أكّده الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضاً ، حين قال : « وممّن ينبغي أن يتوقّف في قبول قوله في الجرح : من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد ، فإنّ الحاذق إذا تأمّل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب ، وذلك لشدّة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيّع ، فتراه لا يتوقّف في جرح من ذكره منهم ، بلسان ذلقة وعبارة طلقة ، حتّى أنّه أخذ يليّن مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى وأساطين الحديث وأركان الرواية . فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه فوثّق رجلاً ضعّفه قبل التوثيق . . . » [2] . * وقد تبع الجوزجاني بعض من كان على مسلكه من المتأخّرين ،
[1] التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف : 293 - 336 . [2] لسان الميزان 1 : 16 .