فاستدلال الشيعة بخبر من كتاب . . أو استشهادهم بكلام عالم . . . لفرقة من الفرق . . لا يعني القبول بكلّ ما جاء في ذلك الكتاب ، أو على لسان ذاك العالم . . وإنّما هو احتجاج على الطرف الآخر بما لا مناص له من الالتزام به ، بعد الإقرار بذلك الكتاب ، وبكون ذلك العالم من علماء مذهبه . . . ويكفي للاحتجاج أن يكون ذلك الخبر المستدلّ به مقبولاً لدى رواته ، وفي نظر المحدّث الذي أورده في كتابه ، ولا يشترط أن يكون معتبراً عند جميع علماء تلك الطائفة ، وذلك : لأنّ الغرض إثبات أنّ الذي تذهب إليه الشيعة مرويّ من طرق الخصم وموجود في كتبه ، وأنّ الراوي له موثوق به عنده ولو على بعض الآراء ، فيكون الخبر متّفقاً عليه ، والمتّفق عليه بين الطرفين - في مقام المناظرة - لا ريب فيه . ولأنّ الخبر أو الراوي المقبول المعتبر لدى كلّ علماء تلك الطائفة نادر جدّاً . نعم ، إذا كان ضعيفاً عند أكثرهم لم يتمّ الاستدلال والاحتجاج به عليهم . * وعلى الجملة ، فإنّه يكفي لصحّة الاستدلال بكتاب أو بخبر أو بكلام عالم . . ألاّ يكون معرضاً عنه لدى أكثر أئمّة الفرقة المقابلة ; وأمّا أن يردّ الاحتجاج - بما رواه الراوي الموثّق من قبل بعضهم - بجرح البعض . . فهذا ممّا لا يسمع ، وإلاّ يلزم سقوط أخبار حتّى مثل « البخاري » و « مسلم » في كتابيهما المعروفين ب - « الصحيحين » لوجود الطعن فيهما وفي كتابيهما ، من غير واحد من كبار الأئمّة الحفّاظ [1] .
[1] هذا حال البخاري إمامهم في الحديث ، وسنشير إلى حال إمامهم في العقائد وهو : أبو الحسن الأشعري . ولعلّنا نتعرّض لحال أئمّتهم في الفقه وهم : الأئمّة الأربعة ! وإمامهم في التفسير هو : الفخر الرازي . . . في المواضع المناسبة . إن شاء الله تعالى .