قال : فقال له الرضا عليه السلام : فضيلته في المباهلة ، قال الله جلّ جلاله : ( فمن حاجّك فيه من بعدما جاءك من العلم فقال تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) . فدعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الحسن والحسين فكانا ابنيه ، ودعا فاطمة فكانت - في هذا الموضع - نساءه ، ودعا أمير المؤمنين فكان نفسه بحكم الله عزّ وجلّ . وقد ثبت أنّه ليس أحد من خلق الله سبحانه أجلّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأفضل ، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بحكم الله عزّ وجلّ . قال : فقال له المأمون : أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع ، وإنّما دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنيه خاصّة ، وذكر النساء بلفظ الجمع ، وإنّما دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته وحدها . فلم لا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره ، فلا يكون لأمير المؤمنين عليه السلام ما ذكرت من الفضل ؟ ! قال : فقال له الرضا عليه السلام : ليس بصحيح ما ذكرت - يا أمير المؤمنين - وذلك أنّ الداعي إنّما يكون داعياً لغيره ، كما يكون الآمر آمراً لغيره ، ولا يصحّ أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة ، كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة ، وإذا لم يدع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رجلا في المباهلة إلاّ أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد ثبت أنّه نفسه التي عناها الله تعالى في كتابه ، وجعل حكمه ذلك في تنزيله .