فأسلم وبلغه ما جاء له ، فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام لمصالحة القوم ، فقال عليّ عليه السلام : بأبي أنت ، على ما أصالحهم ؟ فقال له : رأيك يا أبا الحسن فيما تبرم معهم رأيي . فصار إليهم فصالحاه على ألف حلّة وألف دينار خرجاً في كلّ عام ، يؤدّيان شطر ذلك في المحرم وشطراً في رجب . فصار عليّ عليه السلام بهما إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ذليلين صاغرين ، وأخبره بما صالحهما عليه وأقرّا له بالخرج والصغار . فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله : قد قبلت ذلك منكم ، أمّا إنّكم لو بالهتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عليكم الوادي ناراً تأجّج ، ثمّ لساقها الله عزّ وجلّ إلى من ورائكم في أسرع من طرف العين فحرقهم تأجّجاً . فلمّا رجع النبيّ صلّى الله عليه وآله بأهل بيته وصار إلى مسجده هبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمّد ! إن الله عزّ وجلّ يقرؤك السلام ويقول : إن عبدي موسى عليه السلام باهل عدوه قارون بأخيه هارون وبنيه ، فخسفت بقارون وأهله وما له وبمن آزره من قومه ، وبعزّتي أقسم وبجلالي - يا أحمد - لو باهلت بك وبمن تحت الكساء من أهلك أهل الأرض والخلائق جميعاً لتقطّعت السماء كسفاً والجبال زبراً ، ولساخت الأرض فلم تستقرّ أبداً إلاّ أن أشاء ذلك . فسجد النبيّ صلّى الله عليه وآله ووضع على الأرض وجهه ، ثمّ رفع يديه حتّى تبين للناس عفرة إبطيه ، فقال : شكراً للمنعم - قالها ثلاثاً - . فسئل النبيّ صلّى الله عليه وآله عن سجدته وعما رُئى من تباشير السرور في وجهه ، فقال : شكراً لله عزّ وجلّ لما أبلاني من الكرامة في أهل بيتي ، ثمّ حدّثهم بما جاء به جبرئيل عليه السلام » [1] .