قال : شجرة في الجنّة ساقها وأغصانها من ذهب ، وورقها حلل ، وحملها كثدي الأبكار ، أحلى من العسل وألين من الزبد ، وماؤها من تسنيم ، لو أن غراباً طار وهو فرخ لأدركه الهرم من قبل أن يقطعها ، وليس منزل من منازل أهل الجنّة إلاّ وظلاله فنن من تلك الشجرة . قال : فلمّا أتى القوم على دراسة ما أوحى الله عزّ وجلّ إلى المسيح عليه السلام من نعت محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله وصفته ، وملك أمّته ، وذكر ذرّيّته وأهل بيته ، أمسك الرجلان مخصومين ، وانقطع التحاور بينهم في ذلك . قال : فلما فلج حارثة على السيّد والعاقب بالجامعة وما تبيّنوه في الصحف القديمة ولم يتمّ لهما ما قدّروا من تحريفها ، ولم يمكنهما أن يلبسا على الناس في تأويلهما ، أمسكا عن المنازعة من هذا الوجه ، وعلماً أنهما قد أخطآ سبيل الصواب ، فصارا إلى بيعتهم آسفين لينظرا ويرتئيا ، وفزع إليهما نصارى نجران ، فسألوهما عن رأيهما وما يعملان في دينهما ، فقالا ما معناه : تمسّكوا بدينكم حتّى يكشف دين محمّد ، وسنسير إلى بني قريش إلى يثرب ، وننظر إلى ما جاء به وإلى ما يدعو إليه . قال : فلمّا تجهّز السيّد والعاقب للسير إلى رسول الله بالمدينة ، انتدب معهما أربعة عشر راكباً من نصارى نجران ، هم من أكابرهم فضلا وعلماً في أنفسهم ، وسبعون رجلا من أشراف بني الحرث بن كعب وسادتهم . قال : وكان قيس بن الحصين ذو العصّة ويزيد بن عبد المدان ببلاد حضرموت ، فقد مانجران على بقيّة مسير قومهم فشخصا معهم فاغترز القوم في ظهور مطاياهم وجنبوا خيلهم وأقبلوا لوجوههم حتّى وردوا المدينة . قال : ولما استراث رسول الله صلّى الله عليه وآله خبر أصحابه أنفذ إليهم