جميعاً على ناموس الله عزّ وجلّ الأعظم ، ليس بمظهرة دينه ، ولكنّه من ذرّيّته وعقبه ، يملك قرى الأرض وما بينهما ، من لوب وسهل وصخر وبحر ، ملكاً مورّثاً موطّأً ، وهذا نبّأ أحاطت سفرة الأناجيل به علماً ، وقد أوسعناك بهذا القيل سمعاً وعدنا لك به آنفةً بعد سالفة ، فما أربك إلى تكراره ؟ ! قال حارثة : قد أعلم أنا وإيّاكما في رجع من القول منذ ثلاث وما ذاك إلاّ ليذكر ناس ، ويرجع فارط ، وتظهر لنا الكلم ، وذكرتما نبيين يبعثان يعتقبان بين مسيح الله عزّ وجلّ والساعة ، قلتما وكلاهما من بني إسماعيل ، أوّلهم : محمّد بيثرب ، وثانيهما : أحمد العاقب . فتنادى الناس في كلّ ناحية وقالوا : الجامعة يا أبا حارثة الجامعة ! وذلك لما مسّهم في طول تحاور الثلاثة من السامة والملل ، وظنّ القوم مع ذلك أن الفلج لصاحبهما بما كانا يدّعيان في تلك المجالس من ذلك . فأقبل أبو حارثة إلى علج واقف منه فقال : امض يا غلام فأت بها . فجاء بالجامعة يحملها على رأسه وهو لا يكاد يتماسك بها لثقلها ، قال : فحدّثني رجل صدق من النجرانيّة ممّن كان يلزم السيّد والعاقب ويخفّ لهما في بعض أمورهما ويطّلع على كثير من شأنهما ، قال : لمّا حضرت الجامعة بلغ ذلك من السيّد والعاقب كلّ مبلغ ، لعلمهما بما يهجمان عليه في تصفّحهما من دلائل رسول الله صلّى الله عليه وآله وصفته ، وذكر أهل بيته وأزواجه وذرّيّته ، وما يحدّث في أمّته وأصحابه من بوائق الأمور من بعده إلى فناء الدنيا وانقطاعها . فأقبل أحدهما على صاحبه ، فقال : هذا يوم ما بورك لنا في طلوع شمسه ، لقد شهدته أجسامنا وغابت عنه آراؤنا بحضور طغاتنا وسفلتنا ولقلّ ما شهد سفهاء قوم مجمعةً إلاّ كانت لهم الغلبة .