أهون من إماتة ما أحياه الله عزّ وجلّ وإحياء ما أماته ، الآن فاعلما أنّ محمّداً غير أبتر ، وأنّه الخاتم الوارث والعاقب الحاشر حقّاً فلا نبيّ بعده وعلى أمّته تقوم الساعة ويرث الله الأرض ومن عليها وأنّ من ذرّيّته الأمير الصالح الذي بيّنتما ونبّأتما أنّه يملك مشارق الأرض ومغاربها ويظهره الله عزّ وجلّ بالحنفية الإبراهيمية على النواميس كلها . قالا : أولى لك يا حارثة ، لقد أغفلناك وتأبى إلاّ مراوغةً كالثعالبة ، فما تسأم المنازعة ولا تملّ من المراجعة ، ولقد زعمت مع ذلك عظيماّ ، فما برهانك به ؟ قال : أمّا وجدّكما - لأنّبئكما ببرهان يجير من الشبهة ويشفي به جوى الصدور . ثمّ أقبل على أبي حارثة حصين بن علقمة ، شيخهم وأسقفهم الأوّل فقال : إن رأيت أيّها الأب الأثير أن تؤنس قلوبنا وتثلج صدورنا بإحضار الجامعة والزاجرة . قالوا : وكان هذا المجلس الرابع من اليوم الرابع ، وذلك لما خلقت الأرض وركدت ، وفي زمن قيظ شديد ، فأقبلا على حارثة فقالا : أرج هذا إلى غد فقد بلغت القلوب منّا الصدور . فتفرّقوا على إحضار الزاجرة والجامعة من غد للنظر فيهما والعمل بما يقرءان منهما . فلمّا كان من الغد صار أهل نجران إلى بيعتهم لاعتبار ما أجمع صاحباهم مع حارثة على اقتباسه وتبيّنه من الجامعة ، ولمّا رأى السيّد والعاقب اجتماع الناس لذلك قطع بهما لعلمهما بصواب قول حارثة ، واعترضاه ليصدّانه عن تصفّح الصحف على أعين الناس ، وكانا من شياطين الإنس ، فقال السيّد : إنّك قد أكثرت