رضيت به أجراً ، كما أنّك تسأل غيرك حاجةً فيعرض المسؤول عليك برّاً فتقول له : اجعل برّي قضاء حاجتي . وعلى هذا يجوز أن يكون المعنى : لا أسألكم عليه أجراً إلاّ هذا ، ونفعه أيضاً عائد عليكم ، فكأنّي لم أسألكم أجراً ، كما مرّ بيانه في قوله : ( قل ما سألتكم من أجر فهو لكم ) . وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره : حدّثني عثمان بن عمير ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد الله بن عبّاس : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتي رسول الله فنقول له : تعروك أُمور ، فهذه أموالنا . . . » [1] . * هذا ، ولكن قد تقرّر في محلّه ، أنّ الأصل في الاستثناء هو الاتّصال ، وأنّه يحمل عليه ما أمكن ، ومن هنا اختار البعض - كالبيضاوي حيث ذكر الانقطاع قولاً - الاتّصال [2] ، بل لم يجوّز بعض أصحابنا الانقطاع فقد قال السيّد الشهيد التستري : « تقرّر عند المحقّقين من أهل العربيّة والأصول أن الاستثناء المنقطع مجاز واقع على خلاف الأصل ، وأنّه لا يحمل على المنقطع إلاّ لتعذّر المتّصل ، بل ربّما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي هو المتبادر إلى الذهن المخالفين له ، لفرض الحمل على المتّصل الذي هو الظاهر من الاستثناء كما صرّح به الشارح العضدي حيث قال : واعلم أنّ الحقّ أنّ المتّصل أظهر ، فلا يكون مشتركاً ولا للمشترك ، بل حقيقة فيه ومجاز في المنقطع ، ولذلك لم يحمله علماء الأمصار على المنفصل إلاّ عند تعذّر المتّصل حتّى عدلوا للحمل على المتّصل عن الظاهر
[1] مجمع البيان في تفسير القرآن 5 : 29 . [2] أنوار التنزيل واسرار التأويل : 642 .