وبعد ، فلو تنزّلنا وجوّزنا الأخذ سنداً ودلالة بما جاء في المسند وكتابي البخاري ومسلم عن طاووس عن ابن عبّاس ، فلا ريب في أنّه نصّ في ذهاب سعيد بن جبير إلى القول الحقّ . وأمّا رأي ابن عبّاس فمتعارض ، والتعارض يؤدّي إلى التساقط ، فلا يبقى دليل للقول بأنّ المراد « القرابة » بين النبيّ وقريش ، لأنّ المفروض أن لا دليل عليه إلاّ هذا الخبر . لكنّ الصحيح أنّ ابن عبّاس - وهو من أهل البيت وتلميذهم - لا يخالف قولهم ، وقد عرفت أنّ أمير المؤمنين عليه السلام ينصّ على نزول الآية فيهم ، وكذا الإمام السجّاد . . . ولم يناقش أحد في سند الخبرين ، وكذا الإمامان السبطان والإمامان الصادقان . . . فكيف يخالفهم ابن عبّاس في الرأي ؟ ! لكن قد تمادى بعض القوم في التزوير والتعصّب ، فوضعوا على لسان ابن عبّاس أشياء ، ونسبوا إليه المخالفة لأمير المؤمنين عليه السلام في قضايا ، منها قضيّة المتعة ، حتّى وضعوا حديثاً في أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول بحرمة المتعة فبلغه أنّ ابن عبّاس يقول بحلّيّتها ، فخاطبه بقوله : « إنّك رجل تائه » ! ومع ذلك لم يرجع ابن عبّاس عن القول بالحلّيّة ! [1] . ولهذا نظائر لا نطيل المقام بذكرها . . . والمقصود أنّ القوم لمّا رأوا رواية غير واحد من الصحابة - وبأسانيد معتبرة - نزول الآية المباركة في « أهل البيت » ووجدوا أئمّة أهل البيت عليهم السلام مجمعين على هذا القول . . . حاولوا أوّلا تضعيف تلك الأخبار ثمّ وضع
[1] راجع : رسالتنا في المتعتين في : الرسائل العشر .