أقول : وهذا جهل أو تجاهل . لقد أشرنا من قبل إلى أنّ السيّد - رحمه الله - كان في طليعة الشخصيّات الإسلامية التي قاومت الاحتلال الفرنسي للبنان ، فقد قاد شعبه في مواجهة الاحتلال ، واستخدم كافّة الأساليب لها ، ووقف بصرامة يطالب خروج الفرنسيّين من بلاده ، ويدعو إلى الوحدة السوريّة المستقلّة ، فأوعز المحتلّون إلى عملائهم بالتخلّص من هذا القائد ، واستغلّوا عميلاً عربياً يدعى : ( ابن الحلاّج جبران ) من أهالي مدينة صور ، واقتحموا دار السيّد ، وشهر العميل مسدّسه في وجه السيّد ، فركله برجله فوقع على ظهره وسقط المسدّس من يده ، وتعالت الأصوات وصيحات النساء ، ففرّ الفرنسيّون من الدار ، وتوافدت الجموع إليها من كلّ جانب تشتاط غضباً فأمرهم السيّد القائد بالهدوء . قال رحمه الله في كلام له : « وكان من ذلك أن عزم الفرنسيّون ، وعزمت ذيولهم ، أن يتخلّصوا منّي عن طريق الاغتيال ، لتنهار هذه الجبهة إذا خلوت من الميدان ، وفي ضحى يوم الثلاثاء 12 ربيع الثاني سنة 1337 ه ، الموافق 14 كانون الثاني سنة 1919 م ، والدار خالية من الرجال ، أقبل فتىً من رجال الأمن العام الّذين أملى لهم الفرنسيون أن يشتطّوا على المسلمين والأحرار من أهل الدين ، وأقبل معه رجلان من الجند الفرنسي ، وكانوا جميعاً مسلّحين ، فاقتحموا الباب ، ثمّ أحكموا أرتاجها ، ودنا الفتى العربي ابن الحلاّج شاهراً مسدّسه ، وهو يطلب أن أعطيه التفويض الذي كنّا أخذناه من وجوه البلاد وثائق تخوّل الملك فيصل أن يتكلّم باسمنا في عصبة الأمم . وحين أصبح على خطوة منّي ركلته في صدره ركلةً ألقته على ظهره