العدالة الثقة وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور [1] . ثمّ إنّا نظرنا في كلمات القادحين - بالرغم من كون الرجل من رجال الكتب الستّة ، إذ احتجّ به الأربعة وروى له الشيخان - فوجدنا أوّل شيء يقولونه : كان من أئمّة الشيعة الكبار [2] . فسألنا : ما المراد من « الشيعة » ؟ ومن أين عرف كونه « من أئمّة الشيعة الكبار » ؟ فجاء الجواب : تدلّ على ذلك أحاديث رواها ، موضوعة [3] . فنظرنا فإذا به يروي عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبي برزة ، قال : « تغنّى معاوية وعمرو بن العاص ، فقال النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : اللّهمّ اركسهما في الفتنة ركساً ، ودعّهما في النار دعّاً » [4] . فهذا الحديث موضوع [5] أو غريب منكر [6] لأنّه ذمّ لمعاوية رأس الفئة الباغية وعمرو بن العاص رأس النفاق ! ! فيكون راويه « من أئمّة الشيعة الكبار » ! ! لكن يبدو أنّهم ما اكتفوا - في مقام الدفاع عن معاوية وعمرو - برمي الحديث بالوضع وراويه بالتشيّع ، فالتجأوا إلى تحريف لفظ الحديث ، ووضع
[1] هذه الكلمات بترجمته من تهذيب التهذيب 11 : 288 - 289 ، وغيره . [2] الكامل - لابن عديّ - 9 : 164 ، تهذيب الكمال 32 : 138 ، تهذيب التهذيب 11 : 288 . [3] تهذيب الكمال 32 : 138 . الهامش . [4] أخرجه أحمد في المسند 5 : 580 / 19281 ، والطبراني والبزّار كما في مجمع الزوائد 8 : 121 . [5] الموضوعات لابن الجوزي ، لكن لا يخفى أنّه لم يطعن في الحديث إلاّ من جهة « يزيد » ولم يقل فيه إلاّ « كان يلقّن بأخرة فيتلقّن » ، ولذا تعقّبه السيوطي بما سنذكره . [6] ميزان الاعتدال في نقد الرجال 4 : 424 .