موافقته على صدور حديث الثقلين يوم غدير خمّ ، ويوم عرفة في حجّة الوداع ، وبعد انصرافه من الطائف ، وعلى منبره في المدينة ، ووجود ذلك في كتب الحديث المعتبرة ، وعليه ، يكون موافقاً على صدور الحديث في مواقف متعدّدة ، فيناقض إنكاره ذلك في كلماته السابقة . وأمّا رواية أنّه قاله في مرض موته فقد جاء في « الصواعق » بعدما روى الحديث بعد انصرافه من الطائف عن ابن أبي شيبة : « وفي رواية . . . » . فابن حجر لم يعز هذا الحديث إلى كتاب ، لكن بالتأمّل في كلامه يظهر تصحيحه له ، لأنّه بعدما أورد الحديث السابق عن ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن ابن عوف ، قال : « وفيه رجل اختلف في تضعيفه ، وبقيّة رجاله ثقات » [1] . ثمّ أورد هذا الحديث ولم يتكلّم على سنده بشيء . . . ونحن تكفينا رواية ابن حجر لهذا الحديث لا سيّما مع سكوته عن سنده ، لأنّه من كبار علماء أهل السُنّة المدافعين عن الخلفاء ومعاوية وحكومة الطلقاء ، كما لا يخفى على من راجع « الصواعق » و « تطهير الجنان » وغيرهما ممّا كتبه في هذا الشأن . ومع ذلك . . . نذكر واحداً من رواة هذا الحديث ، المتقدّمين على ابن حجر المكّي . . . ألا وهو الحافظ السمهودي [2] ، فإنّه نصّ على أنّ النبيّ صلّى الله عليه
[1] الصواعق المحرقة : 194 . [2] هو : الحافظ نور الدين علىّ بن عبد الله السمهودي ، المتوفى سنة 911 . قال الحافظ السخاوي بترجمته بعد كلام له : « وبالجملة ، فهو إنسان فاضل متفنن متميز في الفقه والأصلين ، مديم للعمل والجمع والتأليف ، متوجه للعبادة وللمباحثة والمناظرة ، قوي الجلادة على ذلك ، طلق العبارة فيه ، مغرم به ، مع قوة نفس وتكلف ، خصوصاً في مناقشات لشيخنا في الحديث ونحوه » . الضوء اللامع لأهل القرن التاسع 3 : 247 .