النّاسَ قَدْ فُتِنُوا بِجَعْفَرِ ابْنِ مُحَمَّد ، فَهَيِّئْ لَهُ مِنْ مَسائِلِكَ الصِّعابِ . فَهَيَّأْتُ لَهُ أَرْبَعينَ مَسْأَلَةً ، ثُمَّ أَتَيْتُ اَبا جَعْفَر ، وَجَعْفَرٌ جالِسٌ عَنْ يَمينِهِ ، فَلَمّا بَصَرْتُ بِهِما دَخَلَني لِجَعْفَر مِنَ الْهيبَةِ ما لا يَدْخُلُني لِأبي جَعْفَر ، فَسَلَّمْتُ وَأَذِنَ لي ، فَجَلَسْتُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلى جَعْفَر ، فَقالَ :يا اَبا عَبْدِ اللهِ ! تَعْرِفُ هذا ؟ قالَ : نَعَمْ ، هذا أَبُو حَنيفَةَ . ثُمَّ اَتْبَعَها : قَدْ أَتانا . ثُمَّ قالَ : يا اَبا حَنيفَةَ ! هاتِ مِنْ مَسائِلِكَ نَسْأَلُ اَبا عَبْدِ اللهِ فَابْتَدأْتُ أَسْأَلُهُ . فَكانَ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ : أَنْتُمْ تَقُولُونَ فيها كَذا وَكَذا وَأَهْلُ الْمَدينَةِ يَقُولُونَ كَذا وَكَذا وَنَحْنُ نَقُولُ كَذا وَكَذا .فَرُبَما تابَعَنا وَرُبَما تابَعَ أَهْلَ الْمَدينَةِ وَرُبَما خالَفَنا جَميعاً ، حتّى أَتَيْتُ عَلى أَرْبَعينَ مَسْأَلَةً ما اَخَلَّ مِنْها مَسْأَلَةً . ثُمَّ قالَ أَبُو حَنيفَةَ : أَلَيْسَ قَدْ رُوِّيْنا أَنَّ اَعْلَمَ النّاسِ أَعْلَمُهُمْ بِاخْتِلافِ النّاسِ ؟ ; ( 1 )
1 . شمس الدين الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، الطبعة التاسعة ، دار النشر 1413 ، ج 6 ، ص 257 ، و طبعة الرّسالة بهذا العنوان أيضاً .