فنقول في الجواب : نعم ، وهذا هو عين ما تحقق ، فإن السلطة لم تكتف بمنع التدوين ، بل منعت أصل الرواية والحديث بأساليب عديدة . ولأجل إثبات ذلك عقدنا ملحقا للفصل السادس يتضمن الآثار التي دلت على منع الحكام للحديث رواية أيضا . منها ما ورد من منع عمر لذلك : فمنع وفد الكوفة ، ومنع عدة من الصحابة وهددهم بالتبعيد ، ومنع عامة الناس ، وأخيرا حبس جمعا من الصحابة وأجبرهم على الإقامة عنده في المدينة ، فلم يفارقوه حتى مات ، وقد أثار حديث الحبس هذا ارتباكا بين علماء السنة ، فأنكره بعضهم ، وأثبته أكثرهم واختلف المثبتون له في توجيهه : 1 - فجعله الخطيب احتياطا من عمر ، وحسن نظر منه للمسلمين . 2 - وأنكر ابن حزم أصل الحديث ، وردد أمره بين الخروج من الإسلام ، وبين ظلم الصحابة ، واعتبر رواياته : ملعونة . 3 - وحمله ابن عبد البر على أن من شك في شئ تركه . 4 - وحمله ابن عساكر على التشديد في باب الرواية . 5 - وحمله ابن قتيبة على الإقلال من الرواية ، وعلله بقوله : ألا يتسع الناس في الرواية ويدخلها الشوب والتدليس والكذب . وقد ناقشنا كل هذه التوجيهات بتفصيل . ثم ذكرنا أن المنع عن رواية الحديث أصبح سنة التزم بها عثمان ، وثم معاوية ، حيث أعلن عن ذلك ، وعمم منعه رسميا على البلاد .